
أحدثت الثورة الرقمية تطوراً هائلاً في شتى الميادين حتى بات الإنسان في كثير من الأحيان عاجزاً عن الاستغناء عنها نظراً للإيجابيات الكثيرة المرتبطة بها، وبالمقابل فإن جملة من السلبيات ارتبطت بهذا النمط من الحداثة، ألا وهو إدمان الأطفال للألعاب الإلكترونية فقد بات الأطفال تائهون في عالم وهمي الكتروني غير قادرين على مغادرته وأصبحت هذه الألعاب جزءاً لا يتجزأ من حياتهم، حتى بات الاستغناء عنها أمراً شبه مستحيل، وفي سنة 2019 قامت منظمة الصحة العالمية بتصنيف الألعاب الإلكترونية من الأمراض بالغة الخطورة والتي وجب إيجاد العلاج الفعال لها، فالألعاب الالكترونية تدفع الأطفال إلى مقاومة التعب ومحاربة النوم والاستمرار لساعات طويلة ممسكين بالأجهزة مما يسبب لهم التعب الجسدي وإرهاق العينين ويتأثر الجهاز العضلي – العظمي نتيجة الجلوس لساعات طويلة في أثناء ممارسة اللعبة، هذا بالنسبة للآثار السلبية على الجسد، وفي المقابل فإن إدمان الأطفال للألعاب الإلكترونية له آثار نفسية – سلوكية واجتماعية على حد سواء فالطفل بات معزولاً عن محيطه الأسري لا يندمج معهم في الأنشطة المختلفة رافضاً الخروج والتنزه وزيارة الأقارب والأصدقاء مفضلاً متابعة اللعب بالألعاب الإلكترونية، يضاف إلى ذلك التوتر والقلق أثناء اللعب والخوف من الخسارة والهزيمة، كما لوحظ تأخر التحصيل الدراسي لدى الكثير من الأطفال الذي أدمنوا على الألعاب الإلكترونية نتيجة ضعف التركيز لديهم وانخفاض الوقت الذي يقضيه الطفل مع كراسته مقارنةً مع الوقت الذي يقضيه مع ألعابه الإلكترونية.
ويمكن تبرير ميل الأطفال للعب بالألعاب الإلكترونية نتيجة الطريقة الجذابة التي يتم تقديم هذه الألعاب من خلالها، إضافةً إلى إمكانية مشاركة اللعبة والتنافس مع أشخاص من شتى أنحاء العالم بالاعتماد على الانترنت، وما يزيد اللعبة جاذبيةً هي المكافئات التي يتم تقديمها للاعبين والتي تجعلهم يجاهدون لمتابعة اللعب للحصول على كم أكبر من الجوائز.
ثلاث خطوات لعلاج إدمان الأطفال للألعاب الإلكترونية

1- التخفيف التدريجي لممارسة الألعاب الإلكترونية
يعتبر علاج إدمان الأطفال للألعاب الإلكترونية مماثلاً لعلاج أنواع الإدمان المختلفة والتي تحتاج إلى التدرج وعدم الانقطاع دفعة واحدة، إن إبعاد الأطفال عن ممارسة الألعاب دفعةً واحدةً يجعل الطفل يدخل في نوبات غضب وتوتر إذ يعتقد أنك تسلب منه أعز ما يملك لذا يقوم الآباء بتحديد عدد الساعات التي يقضيها الطفل في اللعب ثم البدء باختصار القليل من الوقت ففي البداية يمكن اختصار 30 دقيقة من وقت اللعب وتزداد هذه المدة تدريجياً مع مرور الوقت، كما أنه ليس من الضرورة أن يتم إعلام الطفل أنك تقوم بعلاجه من الإدمان الإلكتروني كي لا يشعر بالقلق ويزداد تعلقه وتمسكه بالألعاب.
2- تخفيف الوقت الذي يمضيه الوالدين في العالم الافتراضي
إن السعي لإكساب طفل أي عادة أو سلوك إيجابي يجب أن يبدأ من الآباء فهم القدوة الأولى للطفل، وبالمقابل ليس من الجائز أن نقوم بمنع الطفل عن استخدام الأجهزة الإلكترونية وبنفس الوقت نقضي ساعات طويلة في متابعة مواقع التواصل الاجتماعي، إن متابعة الخطة العلاجية للطفل تبدأ من الأم والأب اللذان يجب أن يقضيا المزيد من الوقت مع الطفل ولا يكترثان لاستخدام هواتفهما كي يبدأ الطفل بتقليدهما والسير على خطاهما.
3- شغل وقت الطفل في أنشطة أخرى
أفضل طريقة للتخلص من أي عادة سلبية هي استبدالها بعادة إيجابية، ويمكن استبدال ساعة من الوقت الذي يقضيه الطفل في ممارسة الألعاب الإلكترونية بممارسة أنشطة ذات قيمة اجتماعية مثل: زيارة الأقارب والأهل أو أنشطة رياضية مثل: الاشتراك بالنوادي والانضمام للفرق الرياضية، ومن الممكن إذا كان الطفل في سن ناضج اصطحابه للتسوق وشراء حاجيات المنزل، إنَّ كل أب وأم لديهما دراية بالأنشطة الأكثر تفضيلاً لدى طفلهما وبالتالي فإن عليهما استثمار الميول عند أطفالهم والقيام بأنشطة تشغل وقت الطفل.
إن إدمان الأطفال للألعاب الإلكترونية يعد مرض حقيقي لا يجوز الاستهانة به، فلا يجوز أن يقع الآباء في فخ العواطف التي تجعلهم يشعرون بالسعادة كون طفلهم يستمتع بممارسة الألعاب الإلكترونية، بل عليهم أن يبدؤوا بوضع الخطة العلاجية للطفل ويساندوا بعضهم فالتخلص من إدمان الألعاب الإلكترونية يحتاج إلى صبر ومثابرة وعدم الخذلان.
إقرأ أيضاً: أهمية النشاطات الرياضة للأطفال: 5 أسباب توضح أهميّة الرّياضة في حياة الطفل
إقرأ أيضاً: أهمية اللعب للأطفال و 8 من الألعاب التعليمية الهامة التي تساعد الطفل على النمو والتطور
إقرأ أيضاً: الروح الرياضية وعقليّة التّنافس الصّحية: 5 طرق لتعزيزها عند الأطفال
0 تعليق