
كنّا قد تحدّثنا في مقال سابق عن مسألة الأساليب المُتّبعة في تعليم الأطفال وتأثيرها المُباشر وغير المُباشر على بناء عقليّة تعلميّة صحيّة لدى الطّفل، كما قدّمنا أربعة من أفضل الأساليب التّعليمية الّتي تضمن حصول الطّفل على تعليم جيّد وصحّي.
في هذا المَقال سنناقش تلك المسألة من المنظور المُعاكس، فبقَدر أهميّة الأساليب التّعليميّة الصّحيحة في تأسيس وبناء عقليّة صحيّة ومرنة لدى الطّفل وضمان تعزيز وتطوير مهاراته بشكل إيجابي، فإنّ الأساليب التعليمية الخاطئة قد تلعب دوراً سلبيّاً وهدّاماً تمنع بناء تلك العقليّة الصّحيّة وتعزيز المهارات اللّازمة لدى الطّفل بشكل آمن وصحيح.
لذا، سنطرح في هذا المقال أربعة أساليب تعليميّة تُصنَّف من ضمن الأساليب التعليمية الخاطئة وغير الصّحيّة الّتي تعيق بناء عقليّة تفكير صحيّة لدى الطّفل وتحد من قدرته على التعلّم والتطوّر بشكل صحّي وآمن وتعيق تعزيز مهاراته بشكل صحيح، وهُنا، فإنّ الدور الأساسي في حماية الطّفل من تلك الأساليب وضمان عدم اتّباعها في عمليّة تعليمهِ تقع على عاتق الآباء في المقام الأوّل كونهم أوّل وأهم معلّم للطّفل ومن ثمّ يأتي دور المدرسة في إكمال ما قام الآباء بإنجازُه، بالإضافة إلى أنّ أولى اللّبنات الأساسية الّتي ستؤسّس لعقلية نموّ صحيّة لدى الطّفل يبدأ بناؤُها في أوّل خمس سنوات من عمر الطّفل، وبالتّالي، فإنّ المسؤول المُباشر والرّئيسي عن ضمان جودة البناء هم الآباء وهذا يعتمد بالطّبع على الأساليب الّتي سيتّبعونها في تعليم أطفالهم خلال تلك الفترة.
ها هُنا أربعة أساليب تعليميّة خاطئة يُحذّر من اتّباعها في عمليّة تعليم الأطفال نظراً لآثارها السّلبية على الطّفل ولعدم حصوله على تعليّم صحيح وإيجابي.
هنا سوف نتحدث عن أربعة من الأساليب التعليمية الخاطئة:

1- الضّغط على الطّفل لتحقيق نتائج أكاديميّة عالية من الأساليب التعليمية الخاطئة
لأنَّ تعزيز الجانب النّفسي لدى الطّفل من أهمّ مقوّمات نجاحه الأكاديمي، فإنَّ اعتقاد بعض الآباء أنّ ممارسة بعض أساليب الضَّغط والإجبار على الطفل يدفعه لتحقيق نتائج أفضل في المدرسة هو حتماً اعتقاد خاطئ!، يحتاج الأطفال إلى تفريغ الشّحنات العاطفيّة السّلبية من وقت لآخر من خلال اللّعب وقضاء بعض الوقت للرّاحة والاسترخاء لإعادة شحن طاقتهم والانطلاق من جديد.
في جعل أحاديثك لطفلك لا تخلو من النّصائح والمواعظ الدّراسية ستبني بداخله شعور رفض لكل ما يتعلّق بالتعلّم والدّراسة، وبترديدك لعبارات بشكل مُتكرّر ومُبالغ فيه على مسمع طفلك انطلاقاْ من خوفك الصّادق على طفلك من قبيل “اذهبْ وقمْ بواجباتك المدرسيّة.”، “الوقت يداهمُك، عليك إنجاز مهامّك بأقصى سرعة” تبني وتعزّز بداخل طفلك كيان عاطفي سلبي ممزوج بمشاعر التوتّر، الخوف والقلق.
لا يمكن إنكار أهميّة تفعيل دور الآباء في إدارة شؤون أطفالهم الدّراسيّة ومعالجة حالات التّقصير أو الإهمال، ولكن المُبالغة في ذلك إلى درجة مُحاصرة الطّفل ومصادرة حريّته بالكامل يؤدي إلى تعزيز مشاعر الكره والرّفض لدى الطّفل اتجاه التعلّم.

2- دفع الطّفل للاعتماد على مهاراته الفكريّة بدلاً من بذل الجهد من الأساليب التعليميةالخاطئة
قد تُفاجأ بتراجع مستوى التَّحصيل الدّراسي لطفلك الّذي يعتمد على ذكائه في اجتياز كافّة الاختبارات بنجاح على الرّغم من امتلاكه المهارات الفكريّة الكافية والقدرة العالية على الفهم والاستيعاب، الجواب باختصار هو أنَّ طفلك ليس مُعتاداً على قضاء وقت أطول أمام الكتاب في الدّراسة وبذل الجهد لإنجاز المهامّ والواجبات المدرسيّة والتّحضير للاختبارات الّتي باتت أكثر صعوبةً بحيث لا تكفي تلك المهارات لدراسة وحفظ المحتوى العلمي المطلوب، من أهم النّقاط التي يتوجّب على الآباء التّركيز عليها في تنشئة طفل متعلّم هي تعزيز مهاراته في التدرّب ورفع مستوى مهاراته الدّراسية، فبدلاً من أن تكون سعيداً أنَّ طفلك استطاع حفظ المعلومات المطلوبة من أجل اختبار الرّياضيات في عشر دقائق!، عليك أنْ تقلق حول قدرة طفلك على الجلوس أمام طاولة الدّراسة وبذل الجهد مستقبلاً.
احرصْ على إدارة شؤون طفلك الدّراسية بوعي وحكمة بتدريبه على بذل الجّهد وتعويده على قضاء وقت لا بأس به في إنجاز المهامّ والتّحضير للاختبارات من خلال رفع مستوى صعوبة المُحتوى الدّراسي أو إعطاء معلومات إضافيّة خارج المنهَج الدّراسي.
3- مقارنة الطّفل بأقرانه لتحفيزه على التعلّم
عندما تُدخل طفلك في مقارنة مع الآخرين فهذا لا يعني أنَّك تشجّعه وتحفّزه على التعلّم وبذل المزيد من الجهد، بل تدخلُه في متاهة المُقارنة غير الصّحيّة وتشغله عن هدفه الأساسي من عمليّة التعلّم وهو تطوير مهاراته وإمكانياته وتعزيز عقليّة تعلميّة مرنة وصحيّة فترى طفلك ينظر إلى نتيجة تعبه وجهده في حال وجود نتيجة أفضل على أنّها فشل حقيقي ومُقلق!
قد يمارس الآباء في بعض الأحيان سلوكيات خاطئة في تربية أطفالهم وحثّهم على الدّراسة والتعلّم من خلال وضع شخص ناجح من الأصدقاء أو الأقارب كقدوة ومثال يُحتذى به!، عليك أن تصون الخصوصيّة الفردية التي يتمتّع بها طفلك لتشجيعه على إكمال دربه في التعلّم بروح مُفعمة بالأمل والإيجابيّة وصولاً لتحقيق أهدافه الخاصّة بعيداً عن نجاح أو فشل الآخرين، وعلينا أن ندرك كآباء أنَّ المقارنة الأفضل لطفلنا هي مقارنته بنفسه لتنمية الحوافز الإيجابيّة والصّحيحة داخله لدفعهِ نحو تنمية شخصيّة مُتوازنة وواثقة وتطوير عقليّة مرنة وصحيّة.
4- الأسلوب التّعليمي الذي يحجم مقدرات الطفل أسلوب تعليمي غير صحّي
إنَّ إعطاء معلومات جاهزة للطفل من دون تفسير عقلاني لها لا يعدُّ منهجاً تعليميّاً صحيحاً، فالهدف الأساسي من التّعليم هو تعزيز عقليّة مرنة لدى الطّفل يطوّر من خلالها مقدراته ومهاراته في التّفكير والاستيعاب لفهم المعلومات بطريقة منطقيّة وليس تحجيم تلك المقدرات بعقليّة ثابتة تحدّ من قدرة الطّفل على التّحليل والاستنتاج، ترتكز الأساليب التّعليميّة الصّحيحة على تفسير المسائل وكافّة النّظريات العلمية والمعرفية للطّفل من خلال ربط الأسباب بالنّتائج، فحين تريد أنْ تفسّر لطفلك اليافع سبب طفوّ الخشب على سطح الماء على عكس الحديد وربطها بالكثافة الحجميّة الكبيرة للخشب والصّغيرة للحديد وتطرح بعدها على طفلك السّؤال التّالي “لماذا لا تغرق السُّفن مهما بلغت من الكبر حين تبحر فوق سطح البحر؟!”، لاشكّ أنه سيعطيك جواباً مبنيّاً على فهمه لتفسير علمي ومنطقي.

إقرأ أيضاَ: المُثابرة والاجتهاد عند الأطفال: خمس خطواتٍ فعّالة لتحفيز الطّفل على المُثابرة في التّعلّم
إقرأ أيضاَ: كيف تُربّي طفل ناجح ومُستقل؟ 5 مهارات هامّة عليكَ تنميتها وتعزيزها لدى طفلك
إقرأ أيضاَ: دليلُك لمدح أطفالك: 5 نصائح لمدح الطفل والإشادة به بطريقة صحيّة وفعّالة
هل أعجبك المقال؟
ما الأساليب التّعليمية الّتي ترى أنّها سيَّئة تمنع طفلك من الحصول على تعليم جيّد؟
وما دورنا كآباء في تحصين أطفالنا ضد تلك الأساليب؟
كما يمكنك تنزيل المقال بصيغية PDF وقرائته لاحقاً من خلال الضغط على زر تنزيل
0 تعليق