
يتعرض الأطفال خلال فترة الاختبارات في المدرسة لنوع من التوتر والقلق يدعى ” قلق الاختبار عند الأطفال “. معظم الطلاب يتعرّضون للتوتر بسبب الواجبات المدرسية والاختبارات أكثر من أي شيء آخر في حياتهم ويشكّل عند بعضهم هاجساً مخيفاً ما يزيد من الأخطاء أثناء إجراء الاختبار ويقلّل من درجات هذا الاختبار كما يؤدي إلى إضعاف التفكير المنطقي والذاكرة النشطة وعقلية النمو ” “Growth Mindset“” ويخلق الارتباك لديهم، ويشكّل لهم عائقاً في حياتهم الدراسيّة والأهم من ذلك كله أنه يؤثر سلباً على الحالة النفسية للطفل.
معظم العوامل التي تسبب هذا النوع من القلق عند الأطفال تأتي في المقام الأول من المنزل، فالسلوكيات الصحيحة وطرق التعامل الإيجابي المتّبعة من قبل الأهل مع طفلهم تشكل الدرع والحصانة التي تحمي الطفل وتقيه من أي نوع من أنواع القلق، وبالمقابل فإن اتباع سلوكيات خاطئة مع الطفل ستجعله أكثر عُرضة للتوتر والخوف.
فبعض تلك السلوكيات الخاطئة أن يحمّل الأبوين عبئ حلمهم القديم الذي لم يتحقق على أطفالهم، وأن يغرس الأهل في أذهان أطفالهم أن الطالب الناجح يجب أن يصبح إما طبيباً أو مهندساً!، ولعّل أكثر تلك السلوكيات ضرراً على الأطفال هي التهديد بالعقاب في حال لم يؤدي الطفل أداءً جيداً في الاختبار.
بالإضافة إلى العوامل الخارجية التي قد تأتي من المدرسة فالاستهزاء والنقد الهدّام والتنمّر كلها عوامل تؤثر سلباً على الطفل وتزعزع ثقته بنفسه وبإمكانياته وتزيد من حالة القلق والخوف من الاختبار.
لحسن الحظ، هناك استراتيجيات يمكنك اتباعها لمساعدة طفلك على الشعور بالاسترخاء وتعزّز الثقة لديه وتحميه من القلق والتوتر أثناء فترة الاختبار. وإذا كنت معلماً، تستطيع اتباع هذه الاستراتيجيات مع طلابك أيضاً!

1- لا تبالغ في أهمية الاختبار والهدف منه
غالباً ما تبدأ إثارة قلق الاختبار عند الأطفال من قبل الأبوين من خلال المبالغة في التأكيد على أهمية اختبار نهاية العام، وهذا يحمّل الطفل عبئاً ثقيلاً فغالباً ما يكون قلق الأطفال متجذراً في الرغبة في إرضاء الوالدين. تريد أن يؤدّي طفلك أداءً جيداً، ولكن جعل الاختبار أمراً غاية في الأهمية سيكون له تأثير معاكس.
- شجّع طفلك دائماً على بذل قُصارى جهده، ولكن ذكّرهم أن الاختبار لن يصنع مستقبلهم أو يفسده. بالإضافة إلى ذلك، تأكد من أن طفلك يعرف أن الاختبار لا يقيس ذكائه أو إمكانياته.
- أخبر طفلك أنك واثق وفخور به بغض النظر عن درجة الاختبار التي سيحصل عليها. قد تعتقد أنه يدرك ذلك بالفعل، لكنَّ الطفل بحاجة إلى سماعه دائماً ولهذا أهمية بالغة في تعزيز الثقة ودفع الطفل نحو الأمام.
- عزّز لدى طفلك عقلية النمو والتطور من خلال إدراك وفهم معنى تحديد وتصويب الأخطاء والأهم من هذا أخبره أن النجاح لا يُقاس بالأخطاء فالعالِم توماس أديسون الذي أخفق آلاف المرات في اختراع المصباح، في آخر محاولة له قد أنار البشرية.
أنا لم أفشل، وجدتُ عشرة آلاف طريقة لا يمكن للمصباح العمل بها
توماس أديسون

- اشرح لطفلك أن هذا الاختبار سيعزّز لديه ما هو بارع فيه وسيكشف نقاط الضعف وهذا أساس تطوّره وتحسّنه فالعمل على تقوية تلك النقاط وتصويب الأخطاء ومناقشة الطفل بشكل عقلاني ومتساهل يحفّز الطفل ليقدم أفضل ما لديه ويجعل منه طفلاً يحاكم العقل في حل المسائل والمشكلات وعدم الاختباء وراء مكامن الضعف.
- تأكد من تهدئة نفسك قبل محاولة نزع فتيل أعصاب طفلك! ذكّر نفسك أن الاختبار لا يمكن أن يمثّل بشكل كامل تعلم الطفل أو إمكاناته، كل شيء سيكون على ما يرام بغض النظر عن النتيجة.
2- ساعدهم على التدرّب على الاختبار
تتمثل إحدى الطرق الهامّة للتغلب على قلق الاختبار عند الأطفال هي التأكد من أن طفلك مستعد بشكل كافٍ لهذا الاختبار،
وذلك من خلال كشف أسباب التوتر من الاختبار فإذا كان طفلك متوتراً، ابدأ بالسؤال عن سبب شعوره بالتوتر:
هل هناك جزء معين صعب في الاختبار؟
هل تجد صعوبة في فهم السؤال واستنتاج ما هو مطلوب وربطه بالإجابة المناسبة؟
هل تعاني من البطء في الكتابة وينفذ الوقت بسرعة؟
أو العكس هل تعاني من التسرّع في الحل ولا تعطي أسئلة الاختبار الوقت الكافي من التفكير قبل حلها؟
ولعلّ إجراء اختبارات منزلية بشكل متكرر ومُنظّم يلعب دوراً فعّالاً في كشف وتحديد جميع العوائق التي تواجه الطفل وتسبب له هذه المخاوف والقلق من الاختبار.
إن تسمية المشكلة بشكل واضح وصريح ومواجهتها يعطي بعض الراحة للطفل، ولكن حل تلك المشكلات لا يكفي بالمناقشة وإيجاد الحلول فحسب بل يتوجب عليك أنت وطفلك العمل معاً والتدرّب بشكل عملي وفعّال وتلافي كل تلك المشاكل، وبالتالي تخفيف القلق الناتج عنها.
3- قدّم نصائح مفيدة حول إجراء الامتحان يخفف قلق الاختبار عند الأطفال
إن تقديم نصائح مفيدة للطفل لأداء الاختبار بشكل جيد وتذكيره بها بشكل متكرر (وخاصة للأطفال ذوي الخبرة القليلة في إجراء الاختبار) يسهم في تخفيف قلق الاختبار عند الأطفال وبالتالي يبلون بلاءً حسناً:
يمكنك أن تشارك هذه النصائح المفيدة مع طفلك على سبيل المثال لا الحصر:
- اقرأ السؤال بشكل كامل وبعناية قبل التفكير بالإجابة.
- لا تقرأ كل الأسئلة قبل البدء بالإجابة بل ابدأ بقراءتها سؤالاً تلوَ الآخر.
- أجب على أسهل الأسئلة أولاً وضع علامة على الأسئلة الصعبة وعد إليها لاحقاً.
- في أسئلة اختيار الجواب الصحيح اقرأ جميع خيارات الإجابة قبل اختيار واحدة كما يمكنك شطب الخيارات التي تعرف أنها خاطئة.
- إذا كنت ستُحاسب على الإجابات غير الصحيحة، فلا تخمّن الجواب واترك الأسئلة التي لا تعرف حلها بلا إجابة، أما إذا كنت لن تحاسب عليها، فلا تترك أي سؤال بلا إجابة وحاول تخمين الجواب الصحيح.
- إذا تعرّضت لأي نوع من الإزعاج أو التشويش أثناء إجراء الاختبار قم بإخبار المعلم.
4- التعامل مع التوتر والمخاوف بهدوء
غالباً ما يُقدم الأطفال من دون قصد أو إدراك على إبداء مخاوفهم وتوترهم من سيناريوهات وأحداث يبنوها في مخيلتهم تكون غير موجودة بالواقع! أو يبالغون في خوفهم من أمور لا تكون بدرجة السوء تلك، وهنا يظهر دور الأبوين في تهوين تلك المخاوف وإعطاءها حجمها الحقيقي.
إن تحصين الطفل نفسياً وخاصة عند الأطفال العاطفيين أكثر من غيرهم يسهم بشكل كبير في اكتسابهم القدرة على مواجهة القلق والتوتر بعيداً عن الانفعال والذعر، ولعل أكثر ما يُثير قلق الاختبار عند الأطفال ويجعله في حالة من الذعر هو مواجهة سؤال أو أكثر في منتصف الاختبار لا يعرف إجابتها وقد تتفاقم مشاعر الخوف والقلق لدى الطفل حيال ذلك السؤال وتودي به إلى عدم القدرة على الإجابة على باقي الأسئلة التي يعرف جوابها!
جهّز طفلك دوماً لاحتمال عدم معرفة الإجابة وأنّ مصادفة ذلك هو أمر مُتوقع وطبيعي، وسيكون ذلك بمثابة سيف ذو حدّين حيث سيعطي نتيجة إيجابية في كلتا الحالتين، فإذا استطاع الطفل أن يجيب عن جميع الأسئلة (وهو الأمر غير المتوقع) سيشعره ذلك بالسعادة والرضا والثقة بالنفس، وفي حال لم يُجب عن كلّ الأسئلة (وهو الأمر المتوقع) سيعلم أن لا بأس بذلك.
إليكم بعض النصائح التي تساعد الطفل على الهدوء أثناء إجراء الاختبار:
- التنفّس العميق، الشهيق من الأنف والزفير من خلال الفم، والتأكد من أن الزفير أطول من الشهيق
- ممارسة بعض تمارين التمدد قبل البدء بالامتحان
- تدليك اليدين طريقة سهلة وسريعة للتخفيف من التوتر
- تخيُّل مكان مفضل يبعث على الهدوء والاسترخاء
- صلاة قصيرة أو ترديد دعاء أو عبارة معينة يمكن أن تساعد الطفل على الاسترخاء
تأكّد من أنّ طفلك مزوّد بشكل جيد بتلك النصائح والإرشادات التي تُساهم في تهدئته بشكل فعَّال. اقض بعض الوقت في ممارسة تلك الاستراتيجيات قبل يوم الاختبار.

التشجيع والثناء للأطفال يعزز ثقتهم بنفسهم
عندما تدخل في نقاش مع طفلك حول الاختبار، اجعل عباراتك إيجابية ومُشجّعة، فالتشجيع والمديح يعني الكثير للطفل ويحسّن قدرته على تقديم أفضل ما لديه في الاختبار وفي حال كانت نتائج الاختبار غير مُرضية بالنسبة لك قفْ مع طفلك وادفعه نحو الأمام من خلال الثناء عليه وتشجيعه ليقدّم الأفضل لاحقاً بدلاً من توبيخه وجعله يشعر بالذنب حيال ما فعل.
- إذا لاحظتَ أن طفلك يعمل بجد للاستعداد للاختبار، أثني عليه وادعمه واجعل نفسك مُتاحاً لطفلك، اسأل عمّا إذا كان هناك أي شيء يحتاجه لمساعدته على الشعور براحة أكبر تجاه الاختبار. حتى لو لم يكن طفلك بحاجة إلى أي شيء، فإنّ مجرّد شعوره بالاهتمام يعطيه إحساس بالرضا والرّاحة.
- في الأيام التي تسبق الاختبار، أمن لطفلك بيئة هادئة للدراسة وابذل جهداً إضافياً للتواصل معه، والضحك معاً، واجعله يشعر بالراحة والاسترخاء.
- قمْ دائماً بمساندة واحتواء طفلك والوقوف إلى صفه، فإذا كان يشعر بالقلق حيال أمرٍ ما، وافقه وأكّد على صحة ما يقول وابدأ بشكل تدريجي وهادئ بالتوضيح له أسباب ذلك القلق وتعاون معه على إيجاد الحلول المناسبة. فإذا أدلى طفلك بعبارة سلبية، مثل “أعلم أنني سأفشل”، اعترف بمشاعر طفلك: “أعلم أنك تشعر بالتوتر بشأن الاختبار وأنت على حق” بعد ذلك، أكمل بعبارة إيجابية ومُشجّعة: “لقد تدربت بجد وتعلمت الكثير هذا العام. قد تعرف الكثير من الإجابات وتحصل على درجة أعلى ممّا تتوقع”، شجّع طفلك على تصور النتائج الإيجابية بدلاً من التركيز على السّلبية.
- في حال كان طفلك سعيداً أو متحمّساً حيال الحصول على نتائج جيدة، لا تقتل ذلك الحماس بداخله بل أظهر له السعادة والفخر بما قام بإنجازه وقدّم له عبارات الشكر والامتنان. فإذا عاد طفلك من الاختبار سعيداً بحصوله على نتائج جيدة وأخبرك مثلاً “لقد حصلتُ على علامة جيد جداً!” قابله بالاحتضان مع عبارة “هذا رائع !، أحسنت، أنا فخور بك”

نصائح إضافية للتخفيف من قلق الاختبار عند الأطفال:
ساعد طفلك على تخفيف قلق الاختبار والشعور بالاسترخاء والراحة باتباع استراتيجيات مثل:
- الحصول على قسط وافر من الراحة
- الالتزام بروتين معتاد لوقت النوم وتناول الطعام (وأي أعمال روتينية أخرى توفر إحساساً بالراحة والاستقرار)
- تجنب الوقت المفرط أمام شاشة التلفاز
- توفير وجبة فطور غنية بالبروتين في الصباح مثل دقيق الشوفان أو البيض والحليب
- الحفاظ على المحادثات الإيجابية والمُشجّعة والمرحة قبل الخلود للنوم وبعد الاستيقاظ، يُنصح بقراءة 4 استراتيجيّات لتنمية مهارات الطّفل في الاعتماد على الذات
- شارك مع طفلك المُزاح والضحك والأحُجيات المُسليّة وغنِّ الأغاني المفضلة بالنسبة له في الطريق إلى المدرسة، إذا كنت تقود السيارة، اعطِ لطفلك عناقاً كبيراً وقُبلة وكلمات تشجيعية قبل دخوله إلى مدرسته.
من الطبيعي أن تشعر بالقلق من اختبارات نهاية العام، ولكن هذه الاستراتيجيات ستساعد طفلك على التّأقلم والشعور بالثقة والهدوء وتحقيق أفضل أداء.
إقرأ أيضا: هل يحتاج طفلك إلى مدرس خصوصي؟ 4 شروط تساعد الآباء على اختيار المدرّس الأفضل
إقرأ أيضا: الأساليب التعليمية الصحيحة لتعليم الأطفال
إقرأ أيضا: 8 طرق للتعامل مع العناد عند الأطفال واستثماره في صقل وتنمية شخصية الطفل
هل أعجبك المقال؟ هل توافق مع الأفكار الواردة أعلاه؟ يرجى ترك تعليق حول ما أعجبك أو لم يعجبك في المقال أو ترك تعليق بالمواضيع التي ترغب بمناقشتها مستقبلا.
تذّكر أن البيئة السليمة المحيطة بأبنائك لها دور حاسم في تربية أطفالك فلذلك إذا أعجبك المقال يرجى مشاركته مع أقاربك وأصدقائك لتعم الفائدة على الجميع.
كما يمكنك تنزيل المقال بصيغية PDF وقرائته لاحقاً من خلال الضغط على زر تنزيل
0 تعليق