السّعي نحوَ المثالية: و 4 طُرق للتّعامل مع الطّفل الّذي يسعى نحوَ الكمال

نوفمبر 7, 2021 | العقليّة الناميّة, دروب الحياة | 0 تعليقات

السّعي نحوَ المثالية الأسباب والعوامل، و 4 طُرق للتّعامل مع الطّفل الّذي يسعى (1)

شارك القصة


السّعي نحوَ المثالية:  و 4 طُرق للتّعامل مع الطّفل الّذي يسعى نحوَ الكمال

لاشكّ أنّك سمعتَ أحد الأبوين يوماً يشيدُ بطفلهِ بأسلوبٍ مُبالغٍ فيه إلى حدّ تعظيمه من قبيل “طفلي يملك مهارات مُذهلة، لاشكّ أنّه سيصبح شخصاً عظيماً في المستقبل!” أو “إنّ طفلي لامعُ الذّكاء، فهو يتفوّق دوماً على جميع أقرانه” قد ينجرّ الأبوان في بعض الأحيان إلى تعظيم أطفالهم انطلاقاً من العاطفة الممزوجة بالمحبّة والفخر تجاههم، أو ظنّاً منهم أنّ بتلك الاستراتيجية يرفعون من شأن أطفالهم ويعزّزون ثقتهم بأنفسهم وتقديرهم لذاتهم، ما ينمّي لدى الطفل مشاعر من العظمة والتكبّر، فيجد الطفل نفسه لاحقاً على منحدرٍ خطير يؤثّر على حياته بمختلف مجالاتها الاجتماعيّة والعمليّة دون أن يدركَ الأبوان خطورة ذلك على أطفالهم في بناء عقليّة ثابتة مُعزّزة بالأفكار والاعتقادات الخاطئة حول النجاح والفشل وأنّ تحقيق الإنجازات يجب أن يتحلّى بالكمال والمثالية بحيث لا يرتكب الشّخص الناجح أي أخطاء أو أنّه مُحصّن من الوقوع في الفشل.

إنّ الاعتقاد بوجود الشخصية المثالية ما هو إلا سياسة خاطئة مبنية على تصوّرات واهمة وتُرّهات لا تُغني صاحبها إلّا بالضّرر وتودي به إلى مغبّة التفكير السّلبي والفهم الخاطئ لمعنى النجاح الحقيقي المبنيّ على الاجتهاد والمثابرة وأهميّة الأخطاء والفشل في تنمية المهارات وتطويرها من خلال إدراك تلك الأخطاء والعمل على تصويبها بفكر واقعي مبنيّ على أسس منطقيّة، فعلى الطفل أنْ يدرك أنّ بلوغَ العُلا يكون من خلال حصد ثمار التعب ولا مكان للمثاليّة في تحقيق الإنجازات العظيمة!

سمات الطّفل الّذي يحاول السّعي نحوَ المثالية:

لاشكّ أنّ ثقة الطّفل بنفسه وتقديره لذاته هو أمرٌ إيجابيٌّ وضروريُّ، ولكن في حال زيادة تلك الثّقة والتّقدير عند طفلك إلى حدّ اعتقاد الطفل أنّ كلّ ما يمر به في حياته من مواجهة تحدّيات وحلّ مشكلات وتحقيق إنجازات يجب أن يكون مثالياً، فبذلك تكون تلك الثقة ما هي إلّا شعور الطفل بالمثالية وسعيه نحو الكمال الذي يسيطر على عقليّته فيمنعها من التطوّر الإيجابي والمرن ويؤثر على تعزيز مهاراته وقدراته بشكل صحيح وصحّي وصولاً إلى تعتيم الجانب الإبداعي المُشرق لدى طفلك ناهيك عن آثار تلك المشاعر الزّائفة على الجانب العاطفي والشّعوري لدى الطفل حين يدرك مُتأخراً أنّ الكمال والمثالية ما هو إلا نسج من الوهم والخيال!

عادةً ما يضع الطفل الذي يسعى نحو الكمال والمثالية لنفسه أهدافاً غير مرتبطة بالواقع، ثمّ يسبّب لنفسه ضغوطات نفسيّة كبيرة من الخلال السعي إلى بلوغ أهدافه من خلال الاتّكال على مقدراته الفكريّة ومهاراته بعيداً عن بذل الجهد والتعب، وحينها يرى طفلك في أنّ خطأً حسابياً بسيطاً في اختبار الرّياضيات هو بمثابة الفشل الكامل دون التفكير الصحّي لمعرفة أسباب ذلك الخطأ والعمل على تصويبه!

علامات فارقة تدل على أن طفلك يسعى نحو المثالية:

صفات الطفل الذي يسعى إلى المثالية
تربية 
طفل ذكي
طفل قوي الشخصية
  • صعوبة كبيرة في اتّخاذ القرارات أو تحديد الأولويات.
  • عدم القدرة على تحمّل الإحباط الناتج عن الفشل أو ارتكاب الأخطاء.
  • حساسيّة عالية تجاه أي نقد أو إرشاد نحوَ الصّواب.
  • القلق الشّديد من عدم إحراز النجاح بشكل ساحق.
  • انتقاد الأشخاص الآخرين بشكل دائم والاستهزاء بمقدراتهم.

العوامل والأسباب التي تدفع الطفّل للسّعي نحو المثالية:

لا تنشأ تلك العقليّة المبنيّة على مُعتقدات خاطئة لدى الطّفل التي تدفعه للسّعي نحوَ الكمال والمثالية من تلقاء نفسها!، بل تُبنى وتُعزّز جرّاء عدة عوامل ومُسببّات تبدأ من المنزل في المقام الأول وتكاد لا تنتهي في المدرسة والمجتمع المحيط، ومن تلك العوامل:

تأثير الوالدين:

يلعبُ الأبوان الدّور المحوري والرئيسي في بناء اللَّبنة الأولى والأساس في عقليّة وشخصيّة طفلهم، فالإشادة بالطفل وتعظيمه إلى حد كبير وتحفيزه لإنجاز مهمّات مختلفة بدون ارتكاب أخطاء تضع الطفل على منعطف خطير من حياته تدفعه لبناء عقليّة غير صحيّة لا تربط النتائج بأسباب واقعية عمليّة وملموسة.

فبدلاً من تشجيع الطفل وتحفيزه بعبارة من قبيل “أنت طفلٌ مثاليٌّ، عليك إتمام المهمّة على أكمل وجه دون ارتكاب أي خطأ!” يمكن استبدالها بعبارة أكثر صحّة وإيجابيّة من قبيل “أنتَ طفلٌ مجتهدٌ ومثابر، عليك إتمام المهمّة والتعلّم من الأخطاء التي من المُمكن أن تُرتكب”.

الضّغط الدّراسي:

يخشى بعضُ الأطفال من أنّ عدم تحقيقهم لعلامة تقدير كاملة في الاختبار هو بمثابة الفشل الذّريع الّذي قضى على كافّة الجهود الّتي بذلت في سبيل تحقيق نجاح كامل غير منقوص.

لتخفيف ذلك الضّغط وتصحيح الاعتقادات الخاطئة تُجاه المعاني الحقيقية للنجاح والفشل، كرّس الأفكار الصحيحة والإيجابيّة المُرتبطة بالواقع لدى أطفالك، ففي حال حصل طفلك على علامة تقدير منخفضة في الاختبار فإنّ عبارة مثل “لقد فشلتَ، وهذا أمرٌ مُخزي!” يمكن استبدالها بعبارة “أنت نجحتَ في إدراك أخطائك لتصويبها في المرّة القادمة”

الرّغبة في إرضاء الآخرين:

يرغبُ الطّفل عادةً عند سعيه نحو الكمال في إرضاء والديه وكسب مودّة وإعجاب الآخرين، والظّهور كطفل مثاليّ لا يرتكب أي أخطاء ويُحرز نجاحات كاملة لا تشوبها شائبة على حدّ تصوّره واعتقاده!

اسعَ دوماً إلى بناء عقليّة تفكير صحيّة وإيجابيّة لدى طفلك حتّى يُدرك جيداً أن عليه السّعي نحوَ تقدير ذاته وكسب الإعجاب والرّضى من نفسه وليس من أيّ أحدٍ آخر، فمقولة من قبيل “أنت طفلٌ مثاليٌّ، لاشكّ أنّ الجّميع مُعجب بإنجازاتك الرّائعة!” يمكن استبدالُها بعبارة أكثر صحّة من قبيل “أنتَ طفلٌ مجتهدٌ، لاشكّ أنّك فخورٌ بنفسك”.

4 طرق للتعامل مع الطّفل الذي يسعى نحوَ المثالية:

4 طرق للتعامل مع الطّفل الذي يسعى نحوَ المثالية:
تربية إيجابية
طفل ذكي
طفل قوي الشخصية

1- مدح الجّهد بدلاً من السّمات

احمِ طفلك من الوقوع في مغبّة السّعي نحوَ المثالية من خلال تنمية عقليّة نموّ صحيّة ومرنة بحيث يُدرك أنّ كافّة الإنجازات الّتي يحرزها وجميع الأهداف الّتي يعمل من أجل تحقيقها تتمّ من خلال بذل الجهد والتّعب ولا تعتمد على سمات فرديّة من مُعدّل ذكاء عالٍ أو مهارات فكريّة مُرتفعة.

“أنتَ طفلٌ مُثابرٌ ومُجتهد” بدلاً من” أنتَ طفلٌ ذكيٌّ وموهوب”

2- تثمين الأخطاء كسبب للنّجاح والتطوّر

احرصْ على إعطاء الأخطاء المُرتكبة من قبل طفلك قيمتها الإيجابية من خلال تحفيز الطفل للبحث في أسباب تلك الأخطاء والعمل على تصويبها لتكون مُنطلق واقعيّ نحوَ التطوّر وتعزيز المهارات بدلاً من جعلها سبباً للفشل والإحباط لدى الطّفل بحيث تنمّي لدى طفلك القناعات الخاطئة حول أهميّة الخطأ حيث يمكن أن يرَ في أي خطأ مهما بلغَ من البساطة سبباً للفشل الذّريع.

“أخطاؤك فُرص هامّة للنموّ والتطوّر” بدلاً من “لقد فشلت لأنّك لم تحرز النجاح المطلوب!”

3- تعزيز الثّقة بالنّفس وتقدير الذّات

غالباً ما يكون الطّفل السّاعي نحوَ الكمال غيرَ مُقدّرٍ لذاته بشكل حقيقي وصحّي وتبدو ثقته بنفسه كنوع من الغرور والتكبّر! إنّ ثقة الطّفل بنفسه وتقديره لذاته يكمن في إدراك الطفل لأهميّته بغضّ النّظر عن أيّ نتائج أو آراء، فلا نتيجةَ اختبارٍ مرتفعة تجعلهُ كاملاً ولا نقداً هدّاماً يشعرهُ بالخيبة أو الإحباط. “عليكَ أنْ تشعر بالرّضى تُجاه نفسك” بدلاً من “عليكَ السّعي جيداً لكسب إعجاب الجميع!”

4- تعزيز مهارات التّواصل الإيجابي

يواجه الطفلُ الّذي يسعى للكمال صعوبةً بالغةً في تكوين علاقات اجتماعية قائمة على الاحترام الحقيقي والإيجابي، فيرى نفسهُ مُنعزلاً ما يزيد لديه حالة الغرور والثّقة الزائفة بالنفس، فهوَ لا يجدْ أيّ أحدٍ يمكنهُ الوصول إلى ما وصلَ إليه ويعمل جاهداً على تهوين أيّ إنجازٍ يحرزهُ الآخرون بل ويستهزئ بمقدراتهم ويتمنّى لهم الفشل.

يمكن تعزيز مهارات التّواصل الإيجابي والفعّال لدى الطّفل من خلال دمجه في الأنشطة التفاعلية القائمة على التشارك والتعاون مع الآخرين.

إقرأ أيضا: القراءة لدى الأطفال و4 فوائد في تطوير قدرات الطّفل المعرفيّة

إقرأ أيضا: التربية الإيجابية و أربع أساليب تربويّة عليك اتّباعها مع أطفالك

إقرأ أيضا: الاكتئاب عند الأطفال و5 طرق لمساعدة الطفل على التخلص منه

بعد قراءتك للمقال، هل تعتقد أن طفلك يسعى نحو الكمال؟ في حل الإيجاب، هل تنوي تجريب أي من الطرق المذكورة أعلاه؟

وهل ترى أسباب أخرى تدفع الطفل للسعي نحو الكمال؟

تذّكر أن البيئة السليمة المحيطة بأبنائك لها دور حاسم في تربية أطفالك فلذلك إذا أعجبك المقال يرجى مشاركته مع أقاربك وأصدقائك لتعم الفائدة على الجميع.


0 تعليق

إرسال تعليق