
مما لا شكّ فيه بأن مهمة تربية الطفل تتطلّب بذل الكثير من الجهد الجسدي والنفسي والعاطفي، فالتربية تتعدى كونها تأمين متطلبات الطفل المادية، بل تتعداها لتأمين متطلبات الطفل العقلية كذلك الأمر. ويسعى كافة الآباء إلى جعل ابنهم يتّسم بشخصية قوية مقدامة مثابرة إنسانية مجتهدة، ليدفع الأهل بذلك طفلهم، وبشكل غير مقصود، إلى اتجاهات مغلوطة نتيجة رغبتهم الحثيثة في الوصول إلى الأفضل. وفي خضمّ هذا السعي الحثيث والمستمر يؤثّر الآباء بشكل سلبي على الصحة العقلية للطفل ويقومون بتدميرها بشكل غير مباشر.
ومن الأمور التي تُدّمر الصحة العقلية للطفل مقارنته بالأطفال الآخرين، الأمر الذي يُلحق الضرر بعواطفه ومشاعره، حيث يتولّد لديه إحساس بالنقص وتقلّ ثقته بنفسه ويفقد بالتالي احترامه لذاته. ومن الأمور التي تؤثّر على الصحة العقلية للطفل أيضاً تجاهل متطلباته العاطفية وتعزيز مشاعر الذنب والخطيئة لديه بغية تحقيق رغبات شخصية للأهل (مثلاً: أنا أشعر بالتعب من الأعمال المنزلية لكن لا بأس يا صغيري هاني يمكنك الخروج والاستمتاع بوقتك). كما أن رغبة الآباء في وصول أبنائهم للكمال يجعل الطفل يعيش في دوامة لا متناهية من السعي والرغبة في الوصول والتخبط في مشاعر القلق من الفشل أو عدم القدرة على التفوق في كل شيء، يضاف إلى ذلك كله أن حماية الطفل بشكل مفرط تلعب دوراً كبيراً في تدمير الصحة العقلية لديه.
4 خطوات فعّالة لتجنب تدمير الصحة العقلية للطفل

1- تجنّب إجراء مقارنة بين الطفل وأقرانه
تعتبر مقارنة الطفل بغيره من الأطفال من الأمور التي تؤثر وبشكل كبير على الطفل وعلى نمو عقله بشكل سليم، الأمر الذي سيدفعه مستقبلاً إلى عدم الشعور بلذة إنجازاته بل سيقوم تلقائياً بمقارنة نفسه وبشكل مستمر بالآخرين، وبالتالي فإنه من الضروري منح الطفل شعوراً بالفخر في الإنجازات التي يحققها وخلق الحافز لديه للوصول إلى الأفضل، (أمي لقد حصلت على تقدير جيد جداً في الاختبار، أنا أشعر بالفخر بكَ يا صغيري ومتأكدة أنك ستحصل على تقدير أفضل في المرات القادمة).
2- إشباع احتياجات الطفل العاطفية
فالعواطف تحتاج إلى غذاء شأنها شأن الجسد، وبالتالي فإن إشباعها يتطلب جاهزية من الوالدين للتعامل مع المواقف المختلفة، وحرمان الطفل من الحب والحنان سيؤثر سلباً على عواطفه، وحسب الدراسات فإن الطفل يحتاج إلى الحضن خمس مرات في اليوم على أقل تقدير (أمي أنا أشعر بالخوف من الامتحان، دعني أحضنك يا صغيري، أنا أثق بكَ وبقدراتك لا تقلق).
3- الثناء على الإنجازات التي يقوم بها الطفل
يهتم الأطفال بردود أفعال آبائهم على الإنجازات التي يقومون بها، كما أنهم يراقبون تعابير وجههم ويتأثرون بكل تصرف يقوم به الوالدان لذا لابد من الحذر ومراقبة ردود الأفعال والكلمات التي نتفوه بها تجاه أطفالنا. (أمي لقد تمكنت من إنهاء ترتيب قطع البازل خلال 30 دقيقة، أحسنت يا عزيزي دعنا نحضر العصير ونحتفل بهذا الإنجاز).
4- إعطاء الطفل مساحة مناسبة من الحرية
من الطبيعي أن يسعى الأهل لحماية أبنائهم فهم محور الاهتمام إلا أن المبالغة في الحماية تُضعف من ثقة الطفل بذاته وتؤثر على صحته العقلية، لذا فإنه من الضروري أن نهيئ أبناءنا للظروف المختلفة وتحديد الأشياء الممنوع على الفرد القيام بها، ثم إطلاق العنان لهم لمواجهة المواقف المختلفة دون تدخل مباشر من الأهل في إزالة العقبات، فإتاحة المجال أمام الطفل لمواجهة المشكلات تجعله أكثر ابتكاراً وإبداعاً وتولّد لديه القدرة على إطلاق الأفكار الخلاقة والمبدعة. (تنظم مدرستنا رحلة إلى المتحف، هل يمكنني المشاركة، طبعاً عزيزي يمكنك المشاركة في الزيارة إلا أنه يجب أن تلتزم بتعليمات الأستاذ المشرف).
إن حماية الصحة العقلية للطفل توازي حماية الصحة الجسدية، لذا لابد أن يبحث الآباء بشكل مستمر ومتواصل عن الطرق والأساليب التي تُحفّز صحتهم العقلية وتحميها، فحماية صحته العقلية ستجعل منه فرداً قوياً أكثر ثقةً بنفسه وأكثر توافقاً مع ذاته.
إقرأ أيضاً: الخوف من الفشل 8 استراتيجيات لمساعدة الطفل على التغلّب عليه
إقرأ أيضاً: تحفيز الطفل من خلال 10 استراتيجيات فعّالة
إقرأ أيضاً: أهمية النشاطات الرياضة للأطفال: 5 أسباب توضح أهميّة الرّياضة في حياة الطفل
0 تعليق