
يستخدم الأطفال الأفعال العدوانية للتعبير عن مشاعر قوية لا يمكنهم نقلها بشكل كافٍ بسبب محدودية مهاراتهم اللغوية والاستدلالية. يمكن أن يساعدنا فهم كيفية التعامل مع العدوانية عند الطفل وتقليلها في تعليمه كيفية التواصل بشكل إيجابي والمساعدة في منع حدوث نوبات مفاجئة في المستقبل، كما يمكن أن يُسهم في تغيير السلوكيات العدوانية مع نمو الطفل وتطوره.
تتضمن بعض السلوكيات العدوانية الشائعة التي قد يظهرها الطفل العض أو القرص واللعب بقسوة والصراخ وضرب الآخرين ورمي الأشياء.
أسباب العدوانية عند الطفل
لا يوجد سبب واحد للعدوانية عند الأطفال ويمكن أن تكون نتيجة لعدة عوامل، وفيما يلي نطرح بعض العوامل التي يمكن أن تسبب العدوانية عند الطفل:
عوامل ما قبل الولادة
عادة ما تؤثر هذه الأحداث والعوامل على الطفل في مرحلة الجنين مما يزيد من خطر السلوك العدواني في مرحلة الطفولة.
حيث تشير بعض الدراسات إلى أنّ تدخين الأم قبل الولادة وتعاطي الكحول قد يتسببان في تطوير فرط النشاط والعدوانية.
في وقت لاحق من مرحلة الطفولة قد يعاني الطفل أيضاً من نوبات غضب متكررة قد تحدث عادة بسبب آثار التبغ والكحول على دماغ الجنين النامي.
وقد يؤثر العنف والعدوانية تجاه المرأة الحامل على ناقلاتها العصبية مما يزيد من خطر حدوث تغييرات في دماغ الجنين خلال مرحلة النمو.
كما يمكن أن تؤدي التغييرات في النهاية إلى مشاكل مزاجية في وقت لاحق من حياة الطفل مما يتسبب في إظهاره للعدوانية أكثر من المعتاد.
العوامل الأسرية
الطريقة التي يُعامَل بها الطفل في المنزل وخاصة من قبل الوالدين والسلوك الذي يراه الطفل في أفراد أسرته يمكن أن يؤثر بشكل كبير على مزاجه.
فقد يلجأ الأطفال الذين يشاهدون مشاجرات واعتداءات وأعمال عنف مستمرة داخل المنزل وبين أفراد الأسرة إلى العدوانية.
وقد لا يتمكن الآباء المصابون بأمراض عقلية وشخصية عدوانية وطبيعة اندفاعية وسلوك غير اجتماعي أو إجرامي من نقل التنظيم الذاتي للأطفال.
لذا تظهر العدوانية عند الطفل كنوع من الاحتجاج على الطريقة التي يعامله بها الآباء وأفراد الأسرة. فالأطفال الذين يتعرضون للإهانة أو التقليل من شأنهم أو التحكم بهم باستمرار في المنزل قد يُطوّرون نوعاً من العدوانية كرد فعل على ما يعيشونه.
العوامل الاجتماعية
تنبثق العوامل الاجتماعية من المجتمع الذي يعيش فيه الطفل ومن علاقاته الاجتماعية، فالعيش في حي يسوده العنف يجعل العدوانية سمة بارزة لأطفال هذا الحي. ووجود أصدقاء عدوانيين في محيطه الاجتماعي له أثر كبير في نشوء تصرفات الطفل العدوانية وبشكل ملحوظ وكبير.
التعرض للعنف
الأطفال الذين يتعرضون للعنف قد يكونون عرضة لتطوير العدوان، كما أن الأطفال الذين يتعرضون لصدمة عاطفية وسوء المعاملة والعنف هم أكثر عرضة لظهور العدوانية وخاصة من النوع الانتقامي والعنيف.
وقد تؤدي مشاهدة الطفل للعنف في العالم الواقعي والذي يؤدي غالباً إلى وفاة أحد أفراد أسرته إلى ترك ندبة نفسية قد تظهر على شكل صراعات عقلية وإحباط وأعمال عدوانية.
ويمكن أن يتأثر بعض الأطفال بسهولة بالأعمال العدوانية التي تظهر على التلفزيون ووسائل الإعلام المرئية الأخرى، فقد يؤدي تأثير وسائل الإعلام في كثير من الأحيان إلى قيام الطفل بتجربة أفعال عدوانية تؤدي غالباً إلى عدوان تعبيري.
الظروف المرضية
يمكن أن يكون بعض الأطفال عدوانيين بسبب اضطراب أو مرض عقلي، وعادة ما تكون هذه الحالات المرضية خارجة عن سيطرة الوالدين والأطفال كالذهان والتوحد واضطرابات المزاج وغيرها.
4 طرق للتعامل مع العدوانية عند الطفل
تتمثل الخطوة الأولى نحو الحدّ من العدوانية عند الطفل في تحديد السبب المحتمل ونوع العدوان الذي يظهره الطفل، وبمجرد تحديد سبب العدوان ونوعه يمكنك التفكير في تجربة أي من التدخلات التالية:

1- التحفيز باستخدام الكلمات
يجب تعويد الطفل العدواني على إيصال مشاعره شفهياً إلى الأهل أو الأقران بدلاً من أن يكون جسدياً. فإذا شعرت أنّ طفلك محبط وقد يتحول إحباطه وتوتره إلى عنف في أي لحظة يمكن أن تتدخّل بقول كلمات مثل “أعلم أنك منزعج”.
كما يجب علينا تعليم الأطفال كيفية الاعتذار وقول كلمات مثل “آسف” أثناء حوادث العدوان العرضي، ويمكن السيطرة على العدوانية التعبيرية والفعالة من خلال تعليم الطفل أخذ الإذن من الآخرين وتعلّم المشاركة.
2- أن نكون القدوة ونموذج للسلوك غير العدواني
يتعلّم الأطفال الكثير من والديهم لذا يجب أن يجد الطفل الأمثلة الصحيحة في المنزل حتى لا يتعلم العدوان. وهنا علينا أن نضع في الاعتبار أنّ الطريقة التي نتحدث بها مع الشريك والوالدين والأصدقاء والآخرين أمام الطفل تؤثّر فيه وتنعكس في تصرفاته، لذا يتوجّب علينا أن نراعي استخدام الكلمات والنبرة المهذبة حتى عندما نكون منزعجين. عندما يرى الطفل سلوكك الهادئ حتى أثناء المواقف التي تستدعي الغضب، فسوف يتعلمّ الهدوء في مواجهة المواقف المثيرة للغضب.
3- مدح الطفل عندما يتصرف جيداً
مدح الطفل وتقديره عندما يفعل الأشياء بشكل صحيح وعندما يحلّ مشكلة ما دون صراخ أو عدوان يُسهم في تقليل المشاعر العدوانية عند الطفل ويجعله يشعر بالمكافأة ويعزز السلوك الإيجابي لديه.
4- عدم الاستسلام لنوبات الغضب
غالباً ما تكون نوبات الغضب هي الخطوة الأولى نحو العدوانية عند الطفل، وإذا كنت تخضع دائماً أمام نوبات غضب طفلك فسوف يتعلم أنها أفضل طريقة للحصول على ما يحتاج إليه. وكنتيجة لذلك قد يُظهر الطفل نوبات غضب أكثر عدوانية أو يصبح عدوانياً عندما تتجاهل نوبة غضبه قليلاً.
علينا أن نقول للطفل “لا” عندما يتطلب الموقف ذلك ولكن يجب عدم تجاهله وبدلاً من ذلك يجب أن نجلس معه ونذكره بهدوء بنوايانا وأفكارنا أو السبب وراء فعل أو قول شيء ما. كما يجب علينا دوماً طمأنة الطفل بأننا كأهل سنتّخذ قرارات تخدم مصلحته ويمكننا دائماً مناقشة آرائه.
خلاصة القول يمكن أن يساعدك التحدث إلى الطفل ومعرفة سبب عدوانيته في الوصول إلى السبب الجذري للعدوانية عند الطفل. كن قدوة يُحتذى بها، ودع أطفالك يتعلمون أفضل طريقة لإدارة عواطفهم. وعليك التحلي بالصبر لأنّ التغييرات السلوكية يمكن أن تستغرق وقتاً، ومع الوقت والجهد ستتمكن من تعليم طفلك إدارة سلوكه العدواني في مواقف مختلفة حتى عندما لا تكون بجانبه.
إقرأ أيضاً: 8 طرق للتعامل مع العناد عند الأطفال واستثماره في صقل وتنمية شخصية الطفل
إقرأ أيضاً: سبعة أخطاء تربوية يرتكبها الآباء في تربية أطفالهم
إقرأ أيضاً: المشاعر السلبية عند الأطفال: 5 خطوات لمساعدة الطّفل على إدارة مشاعره السّلبيّة
كما يمكنك تنزيل المقال بصيغية PDF وقرائته لاحقاً من خلال الضغط على زر تنزيل
0 تعليق