
القراءة لدى الأطفال بمفهومها العام هي القدرة على التعرّف على الحروف المكتوبة في النص ككلمات وجمل ذات معنى والوسيلة الأساسيّة والأهمّ لفهم أي محتوى والمعلومات المكتوبة والحفاظ عليها في المخزون المعرفي المقروء لدى الطفل إلى جانب مخزونه المرئي والمسموع، القراءة وإدراك المعلومات المقروءة بشكل جيّد تعد عملية معرفية فعّالة لصياغة معنى صحيح للمعلومات المكتوبة.
لاشك أنّنا ندرك كآباء أهمية التعلّم لنمو الأطفال بشكل صحّي بشخصيّة متعلّمة، عقليّة نامية ومرنة ووعي كافٍ يحمل الطّفل إلى طرق أبواب الثّقافة والتّعلّم فينهل من العلوم كل ما يجعله طفلاً متعلّماً، مثقّفاً، ومستقلّاً بأفكاره الخاصّة الّتي تنعكس إيجاباً على بناء وتعزيز شخصيّة قويّة ومستقلّة، والقراءة جزءٌ لا يتجزأ من نظام التّعليم المتكامل بل هو الجزء الأهمّ لتعلّم الطّفل وتنميّة قدراته على التّعلم الذّاتي، فمع زيادة استخدام التّكنولوجيا وتعدّد وتطوّر الوسائل والمصادر التّعليميّة المختلفة أصبح من المهم أن يمتلك طفلك مهارات جيّدة في القراءة.
إنَّ جعل الأطفال أكثر كفاءة في القراءة يزيد من فرصهم في تعلّم أشياء مختلفة ومتعدّدة بشكل أفضل وأكثر فعاليّة في الحفاظ على المخزون المعرفي للأمد البعيد.
الأطفال الذين يقرؤون الكتب يملكون يطوّرون فهماً أكبر تجاه المواضيع المختلفة ويصبحون أكثر وعياً تجاه ما يجري من حولهم، وعلى العكس فإنّ الأطفال الذين حُرموا من القراءة في سن مبكّرة يواجهون مصاعب وعقبات عديدة في حياتهم المستقبليّة وشحّاً في المخزون الثّقافي والمعرفي.
أظهرتِ الدراسات أنّ الأطفال الذين يتعرّفون على القراءة في سن مبكّرة يمتلكون دماغاً متطوراً وعقليّة أكثر مرونة، وبالتالي سيكونون أكثر إبداعاً وذكاءً وتميّزاً، كما أن قراءة الكتب تجعلهم أفضل المتحدّثين، حيث السرّ الّذي يجعل طفلك متحدّثاً جيّداً وطليقاً هو تعزيز مهاراته في القراءة بحيث يملك معرفة أكبر باللغة التي يقرأها ويستخدمها في الحياة اليومية.
من المهم أن يقرأ الآباء القصص لأطفالهم في سن مبكّرة جدّاً، يمنحهم هذا فرصة لقضاء بعض الوقت الجيّد مع أطفالهم الصغار، كما يؤدي إلى إجراء بعض المحادثات التّربوية المهمّة بين الأبناء وأولياء الأمور، المعرفة والمعلومات التي يشاركها الأبوان مع أطفالهم تجعلهم أكثر استنارة وفضولاً حول الموضوع ما يحسّن من مستوى تفكيرهم، يزيد مخزون المفردات لديهم ويعزّز الجانب المعرفي والإبداعي والمهارات التّحليلية لديهم.
أهم 4 فوائد لتعزيز مهارات القراءة لدى الأطفال:

أولاً: من فوائد القراءة لدى الأطفال تنشيط عمل الدّماغ وتقوية المهارات الفكريّة
للحفاظ على لياقتنا البدنيّة، نقوم جميعاً بتمارين مثل اليوجا والجري وما إلى ذلك، التّمارين الرياضية تحافظ على صحتنا الجسديّة من خلال جعل عضلاتنا أكثر قوة، ومن جهة أخرى، فإن القراءة تمرين هام لأدمغتنا حيث يتطلّب الأمر مزيداً من الاهتمام وإدراك النص المكتوب والوصول إلى فهم هادف له، فأثناء محاولة تفسير الكلمات المكتوبة من قبل الطّفل كجمل ونصوص ذات معنى، يتم تحفيز دماغه على التّركيز، التّحليل، التّفسير والاستنتاج كما يتم تنشيط تفكير الطّفل لبناء وتخيل سرد متسلسل وهادف للنص المكتوب.
أظهرت الأبحاث أنّ القراءة تساعد في نمو الدماغ وتجعل الأطفال أكثر ذكاءً، كما يساعد طرح التّساؤلات على الطّفل حول قصّة أو مقال مكتوب على رفع معدّل التّركيز لدى الطّفل وتنشيط مهاراته الفكريّة في البحث والتّحليل بما يتناسب مع عمره، يعد التّركيز والاهتمام بالتّفاصيل من أهم المهارات والعادات التي يمكن أن تساعد الأطفال على أن يصبحوا أكثر وعياً وإدراكاً للمعلومات الّتي يتلقّونها في المستقبل، وعادة ما تضع مهارات الطّفل في القراءة الأساس لطريق النجاح في مجالات الحياة الأخرى، سواء كان ذلك في سن صغيرة كتعلّم قراءة قصّة ومن ثمّ سرد أحداثها واستخلاص العِبر منها أو في المراحل العمريّة اللّاحقة كقراءة قصيدة شعريّة والعمل على شرح أبياتها بناءً على فهمها وتجميع معاني مفرداتها في شرح صحيح ومُناسب.
يجب علينا منح أطفالنا وقتاً كافياً في تعليمهم مهارات القراءة ومشاركتهم في قراءة بعض الكتب لمنح أدمغتهم تمريناً مفيداً وصحيّاً يجعلهم أكثر وعياً ويدفعهم لامتلاك عقليّة مرنة وصحيّة.
هنا بعض النّصائح لتنشيط المهارات الفكريّة لأطفالكم انطلاقاً من القراءة:
- اسأل طفلك عن رأيه في القصص الّتي يقرأها واطلب إليه وضع نهاية مناسبة لها قبل إنهائها.
- شارك طفلك في قراءة النّصوص في منهجه الدّراسي ثم اطرح بعض الأسئلة حول النّص لدفع طفلك لجعل قراءته بمعدّل تركيز جيّد
ثانياً: من فوائد القراءة لدى الأطفال زيادة مخزون المفردات لديهم
كي يتعلّم الأطفال صياغة الجمل المُفيدة وصقل أفكارهم الغضّة بشكل صحّي وإيجابي من خلال إغنائه بالأفكار الصّحيحة ينبغي أن يمتلكون مخزوناً كافياً من المفردات وإدراك معانيها بشكل جيّد، يتعرّض الأطفال للكلمات والمفردات الجديدة عبر الكتب المدرسية والقصص الّتي يقرؤونها ويبدؤون بالبحث عن المعاني والقيم الّتي تحملها بحيث تساعدهم الكلمات التي يتعلّمونها أثناء القراءة على التّعبير عن آرائهم وأفكارهم بشكل أكثر وضوحاً وفعاليّة.
يمكن للأطفال الّذين يقرؤون الكتب التحدّث بثقة وتكوين صداقات أكثر لأنّ لغة التّعبير لديهم تكون مُشبّعة بالمفردات الّتي يحتاجونها الّتي تساعدهم على وضع أفكارهم في الكلام كما يتطوّر لديهم القدرة على صياغتها في جمل مكتوبة، فقد تتفاجأ بطفلك صاحب العشر سنوات بأنّه يكتب موضوعاً تعبيرياً مذهلاً.
الفصاحة والقدرة على التّعبير لا تساعد الأطفال على التحدّث والتعبير عن آرائهم بشكل واضح ومفهوم فحسب!، بل يساعدهم أيضاً على تحقيق نجاح أكبر في السنوات اللاحقة من حياتهم، فنحن جميعاً نقدّر ونحترم الشّخص الفصيح والقادر على إيصال الأفكار الإيجابيّة والنّصائح البنّاءة بشكل فعّال وهادف.
إليكم بعض الخطوات العمليّة لمساعدة أطفالكم على تطوير مهاراتهم في القراءة بهدف زيادة مخزونهم المعرفي من المفردات والمصطلحات:
- قراءة القصص والبحث عن معاني المفردات والكلمات الجديدة من أفضل النّصائح الّتي يمكن أن تقدّمها لطفلك لإغناء مفرداته.
- إخبار والديه أو أصدقائه بكلّ ما يتعلّمه من مفردات جديدة لأنّ مشاركة الطّفل لمعلوماته مع الآخرين تساعده على تثبيتها وتزيد من حماسه وشغفه لتعلّم المزيد.
- اطلبْ من طفلك قراءة اللافتات في الشّارع أو في الأماكن العامّة وساعده على التعرّف على معاني ودلالات المفردات الواردة في الجمل.
ثالثاً: من فوائد القراءة لدى الأطفال تنشيط ذاكرتهم
إنَّ قراءة كتاب تحافظ على الدماغ في حالة نشاط فكري تساعد الطّفل على تنشيط ذاكرته وقدرته على الحفاظ على المعلومات الّتي يتعلّمها لوقت طويل، بحيث تساعد ممارسة القراءة الطّفل على جعل تفكيره منخرطاً في التّأكيد على كلمات ومشاهد وشخصيات مختلفة تمّ تصويرها والتّعبير عنها بطريقة مكتوبة ذات معنى ومغزى تشدّ انتباه الطّفل وتجعله قادراً على تذكّر أدقّ التّفاصيل ما ينعكس إيجاباً على ذاكرته فيما يخصّ كافّة المعلومات والمفاهيم الّتي يتعلّمها.
إنّ ممارسة الأنشطة الّتي تساعد على تحفيز الدّماغ مثل قراءة الكتب تحافظ على الذاكرة نشطة وفتيّة، كشفت دراسة أنّ الأشخاص الذين يقرأون بشكل مستمر لا يعانون من صعوبة التذكّر بل يملكون القدرة على تذكّر المواقف والأحداث بدقّة.
إليكم بعض النّصائح المفيدة لمساعدة أطفالكم على تنشيط ذاكرتهم من خلال ممارسة القراءة بشكل دوري ومستمر:
- اجعلْ القراءة جزءاً من الرّوتين العائلي وعادة مفيدة وصحيّة يتبعها أفراد العائلة.
- شجّعْ أطفالك على قراءة القصص المُفيدة والّتي تحمل قيم ومعاني إيجابيّة.
رابعاً: من فوائد القراءة لدى الأطفال تطوير مهاراتهم في الكتابة
قراءة الكتب والقصص بشكل دوري لا تزيد من مخزون الطّفل من الكلمات والمفردات فحسب بل تحسّن قدراته على الكتابة من خلال صوغ تلك المفردات في جمل ونصوص ذات معنى، حيث يتعلّم الطّفل الأساليب المختلفة في الكتابة ويقوّي مهاراته في التّعبير عن مختلف المواضيع بسبب امتلاكه مخزوناً معرفيّاً كبيراً يحصده نتيجة القراءة ومطالعة الكتب والقصص.
عندما يقرأ طفلك المزيد من الكتب، يتعرّف على الكلمات الجديدة المُستخدمة في المواقف والسيناريوهات المختلفة، وعند تحليل المفردات المستخدمة الّتي يقرأها، يلتقط كلمات معيّنة ويستخدمونها في كتاباته الخاصة، وعندما يبدأ الطّفل بتعلّم مواد مختلفة ومتعدّدة في المدرسة ويقرأ الكثير من المعلومات حولها سيمكنه ذلك بالتأكيد من الكتابة بثقة أكبر عن أي موضوع من خلال فهمه وإدراكه الكافي له.
هُنا بعض النصائح الّتي يمكن للآباء الأخذ بها لتطوير مهارات الطّفل في الكتابة انطلاقاً من ممارسة القراءة:
- بعد قراءة طفلك لقصّة أو رواية، اطلبْ إليه أن يكتب موضوعاً أو تقريراً يذكر فيه أهم أحداث القصّة لتثبيت المفردات الجديدة وحثّه على رفع معدّل تركيزه أثناء القراءة وبالتالي جعلها أكثر فائدة له.
- شجّعْ طفلك دوماً على كتابة المواضيع التّعبيريّة بنفسه بالاعتماد على المخزون المعرفي الّذي يحصل عليه من قراءته ومطالعته لمختلف الكتب والقصص.
إقرأ أيضاً: مهارات التنظيم لدى الأطفال! 5 استراتيجيّات فعّالة تساعدك في تُربِّية طفلاً مُنظّماً
إقرأ أيضاً: قلق الاختبار عند الأطفال و 5 طرق للحد منه
إقرأ أيضاً: أهمية النشاطات الرياضة للأطفال: 5 أسباب توضح أهميّة الرّياضة في حياة الطفل
هل أعجبك المقال؟
ما هي الطّرق الّتي تراها مناسبة لتحفيز طفلك على القراءة؟
وكيف يمكن لدورك أن يكون فعّالاً وبنّاءً في تطوير مهارات طفلك في القراءة؟
إذا أعجبكَ المقال لا تنسَ مشاركته مع الأصدقاء لتعمّ الفائدة على الجميع.
كما يمكنك تنزيل المقال بصيغية PDF وقرائته لاحقاً من خلال الضغط على زر تنزيل
0 تعليق