
الشعور بالقلق لا يقتصر على مرحلة عمرية مُحدّدة، بل إنه من الممكن أن يشعر الإنسان به خلال سنين حياته المختلفة. وهناك اعتقاد سائد مفاده أن الطفل لا يشعر بالقلق نتيجة انخفاض المتطلبات الواقعة على كاهله، إلا أن هذا الاعتقاد خاطئ وعارٍ عن الصحة، فعلى الرغم من اختلاف الأسباب الدافعة للقلق إلا إنها موجودة عند الطفل. القلق عند الأطفال هو شعور يتّسم بعدم الارتياح، يحدث نتيجة تضافر عدد من العناصر الجسدية والإدراكية والسلوكية، وينجم عنه اكتساب الفرد مشاعر تتدرّج بين الخوف إلى التوتر.
العلامات الدالّة على وجود القلق عند الأطفال:
- الإحساس بالخوف والتوتر والذعر.
- البكاء والارتعاش.
- صعوبة في الاسترخاء والنوم.
- وجود صعوبة لدى الطفل في التنفس.
- الآلام البطنية المترافقة مع وجود آلام صدرية.
- التبول المستمر.
أسباب القلق عند الأطفال:
هناك جملة من الأسباب التي تُسهم في بروز مشاعر القلق عند الأطفال ويمكن توضيحها بالنقاط التالية:
- انفصال الوالدين بالطلاق أو الهجر: يعتبر ابتعاد الوالدين عن بعضها من أهم العوامل المسببة للقلق عند الطفل، والتي تجعل الطفل يقف حائراً بين طرفين يرغب بهما كلاهما.
- غياب أحد الابوين بسبب الموت: إذ أنه من المسلم به أن الطفل يعتبر الأبوان مصدر قوةٍ ودعم رئيسي وغياب أحدهما أو كلاهما يجعله خائفاً وقلقاً إزاء العقبات والتحديات التي يمكن أن تعترضه.
- الشجار والنزاع بين الأبوين: يسلب الشجار من الطفل شعوره بالأمان ويجعله قلقاً ومتوتراً لا سيما كونه يقف عاجزاً عن القيام بأي فعل من شأنه أن يحدّ من هذه الخلافات.
- التجارب المؤلمة التي يتعرض لها الطفل: مثل حوادث السيارات، نشوب الحرائق، وغيرها من الحوادث التي تترك انطباعاً وأثراً مؤلماً عند الطفل تجعله يشعر بالقلق.
- العزلة وابتعاد الأقران: إن إحساس الطفل بأنه غير مرغوب أو منبوذ اجتماعياً يُعدّ من أهم العوامل التي تسبب لإحباط وتولد مشاعر القلق عند الأطفال.
كيف أساعد طفلي على التخلص من القلق؟

هناك العديد من الأساليب التي من شأنها أن تساعد الطفل على التخفيف من مشاعر القلق والتغلب عليها، ومن هذه الأساليب نذكر ما يلي:
1- تشجيع الطفل على التعبير عن قلقه:
يعتبر هذا الأسلوب الأكثر أهمية إذ أنه من الممكن ألا يدرك الأهل السبب الحقيقي وراء شعور الطفل بالقلق، وبالتالي يجب على الوالدين تشجيع الطفل للتحدّث عن مخاوفه وذكر أسباب القلق لديه بأسلوب حوار هادئ ومريح بعيداً عن الاستجواب والضغط.
2- حثّ الطفل على مواجهة مخاوفه:
فإذا كان الطفل يشعر بالقلق من النوم وحده، يمكن تشجيعه على مواجهة هذا الخوف من خلال سرد الحكايات وتقديم المكافآت التحفيزية، حتى الوصول إلى المرحلة التي يدرك عندها الطفل أنه لا داعٍ للقلق.
3- تشجيع الأطفال على تقبّل عيوبهم وعدم اعتبارها نقصاً:
وهنا يجب العمل ابتداءً من الأهل وضرورة إدراكهملهذا الأمر، لتنتقل عدوى الإدراك إلى أبنائهم. ومن الضروريتوعية الطفل إلى جانب مهم وهو أن الإنسان يمتلك جوانب قوةٍ في شخصيته وبالمقابل لديه نقاط ضعف يمكن تحسينها وتطويرها، وأن بذل الجهد لتحقيق الغايات أمر مهم إلا أن الأهم هو استيعاب إمكانياتنا وقدراتنا.
4- دعم النقاط الإيجابية عند الطفل:
ينبغي على الأهل السعي لدعم تركيز الطفل على هذه الإيجابيات، وبالتاليينخفض معدل تركيز الطفل على النقاط السلبية لديه فتزداد ثقته بنفسه وينخفض الإحساس بالقلق لديه.
5- تنظيم أنشطة فاعلة تمنح الطفل الاسترخاء:
إذ انه من الضروري جعل الطفل مشاركاً في الأنشطة التي تثير مشاعر السعادة لديه ولا تتيح له المجال للتفكير بالسلبيات مثل: ممارسة الرياضة أو اللعب مع الأقران أو ممارسة الهواية المفضلة وغيرها.
6- الحفاظ على جو أسري مستقر:
إن إدراك الابوين لمدى تأثير المشاحنات القائمة بينهم على الأبناء، سوف يدفعهم بالتأكيد إلى اللجوء للحوار البناء والإيجابي بغية التخفيف من معاناة الأبناء والحدّ من مشاعر القلق التي من الممكن أن تنتابهم.
7- مراجعة أخصائي في حال الضرورة:
قد لا ينجح الوالدان في تخليص ابنهما من مشاعر القلق، لذا يجب أن يكونا حريصين على عدم تفاقم المشكلة من خلال تنظيم زيارات مستمرة للعيادات النفسية التي من شأنها أن تضع خطة عمل تُسهم في مساعدة الطفل للتغلّب على مشاعر القلق.
من الملاحظ أن معظم الطرق والأساليب التي تستهدف تخليص الطفل من مشاعره السلبية القلقة يقع تنفيذها على عاتق الأبوين، إلا أنه وبالمقابل فإن هناك جهات أخرى لا تقل أهمية عن الأسرة وتلعب دورياً جوهرياً في مساعدة الطفل وتخليصه من القلق الذي ينتابه. وتقع المؤسسات التربوية وعلى رأسها المدارس في مقدمة هذه الجهات فهي تسهم بشكل كبير في خفض مشاعر القلق أو تعزيزها في بعض الأحيان، وهنا يأتي دور الاخصائي النفسي في المدرسة الذي يقع على عاتقه مهام عدة في مقدمتها إعداد خطة واعية مبنية على أسس واستراتيجيات واضحة لمساعدة الأطفال على التخلص من مشاعرهم ذات الطابع السلبي. أما بالنسبة للمجتمع فإنه ومن خلال مؤسساته المختلفة التي تعنى بشؤون الأسرة يمكن أن يلعب دوراً في الحدّ من ظاهرة القلق لدى الأطفال عبر تقديم النصح للأهل وتوجيههم وذلك يتم من خلال عقد الندوات التوجيهية الإرشادية بإشراف مختصين نفسيين. وفي النهاية لابد أن تلعب وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي دوراً أساسياً في بث التوعية بمخاطر القلق وآثاره المستقبلية ضماناً لعدم تحوّله إلى حالة مزمنة ومستمرة.
إقرأ أيضاً: كيف تبني الثقة مع الطفل في مرحلة المراهقة؟
إقرأ أيضاً: الغضب! 9 طرق للسيطرة على غضبنا عند التعامل مع أطفالنا
إقرأ أيضاً: الخوف عند الأطفال، أسبابه وطرق الحد منه
كما يمكنك تنزيل المقال بصيغية PDF وقرائته لاحقاً من خلال الضغط على زر تنزيل
0 تعليق