
سنُناقش في هذا المقال موضوعاً هامّاً ومُفيداً يساعد الطّفل على تحقيق أفضل النّجاحات وإنجاز أصعب المهامّ والتحدّيات، وهو المُثابرة والاجتهاد عند الأطفال من خلال العمل الجاد والدّؤوب وبذل الجهد والتّعب في سبيل تحقيق النّجاح الحقيقي. والمُثابرة كغيرها من المفاهيم الصّحية والإيجابيّة التي علينا تنميتها في عقول أطفالنا، تحتاج منّا أن نلعب دوراً إيجابيّاً لتحفيز أطفالنا على تقدير أهميّتها في حياتهم داخل المدرسة وخارجها.
وانطلاقاً من أهميّة المُثابرة في حياة أطفالنا وحرصاً منّا كآباء على تقديم أقصى ما لدينا لتنمية وتعزيز ذلك المفهوم الصّحي لدى أطفالنا، نقدّم لكم في هذا المقال بعض النّصائح الهامّة لمساعدتكم على إنجاز المهمّة بنجاح.
في حال عاد طفلك من الاختبار بعلامةِ تقديرٍ منخفضة وهو يشكي من صعوبته، أو في حال تذمّر طفلك من صعوبة الواجبات المدرسيّة وعدم قدرته على حلّها، كيف يمكنك أن تتعامل مع تلك المواقف بطريقة إيجابيّة وصحيّة وما السّبيل لمساعدة الطفل على التّعامل مع مواقف مُشابهة بوعي وحكمة ؟
في بعض الأحيان، يتّبع الأبوان بعض السّلوكيات الخاطئة مع طفلهم انطلاقاً من محبّتهم وعاطفتهم تجاهه كالإشادة بذكاء الطّفل، مقارنة طفلهم “لامع الذكاء” بغيره من الأطفال!، أو معالجة حالات الفشل والخسارة بأسلوبٍ عاطفيٍّ مداراةً لطفلهم وحالته العاطفية … تلك السّلوكيات تزرع براعماً لأفكارٍ ومفاهيمٍ خاطئة لدى الطّفل حول كيفيّة تحقيق النّجاح وطريقة التّعامل الإيجابي والصّحي مع حالة الفشل أو عدم إنجاز المهامّ المطلوبة أو مواجهة التّحديات بطريقة فعّالة. تتفتّح تلك البراعم لتزهر عقليّة ثابتة لدى الطّفل بحيث يصبح غير قادر على تحقيق النّجاح لعدم معرفته بالسّبيل لذلك، بالإضافة إلى الآثار السّلبية الأخرى التي تزعزع من ثقته بنفسه وبقدراته وتُضعف مهاراته الفرديّة بسبب عدم رعايتها وتعزيزها بأسلوب صحي. كما أنّ غياب العقليّة المرنة يعرّض الطفل لمواقف سلبيّة تجعله عاجزاً عن حلّ مشاكله بمفرده لاحقاً.
انطلاقاً ممّا سبق نقدّم لكم خمس خطوات عمليّة وفعّالة لتعزيز مفهوم المُثابرة لدى الطّفل كمفتاح لتحقيق النّجاح وإنجاز المهامّ ومواجهة التّحديات وحلّ المشكلات بطرق صحيحة بناءً على عقليّة مرنة وصحيّة:

1- شجّع طفلك على تحديد أهدافه – المُثابرة والاجتهاد عند الأطفال
في بعض الأحيان، يجد الطّفل نفسَه مُتعباً من فصول دراسيّة طويلة وواجبات منزليّة مُرهقة غير مُدرك للسبب الحقيقي الذي يدفعهُ لبذل كلّ ذلك التعب والجهد، الأمر الذي يقلّل من عزيمته ويجعلهُ ينظر إلى الذهاب للمدرسة وإنجاز الاختبارات كأعمال إلزاميّة شاقّة ومُتعبة.
من الضّروري أن نُقنع أطفالنا بالأسباب الّتي تجعلهم يستيقظون باكراً، يهمّون للذهاب إلى المدرسة، يُنجزون الاختبارات والواجبات ويعملون جاهدين لتحسين أدائهم، وهذا ما نسمّيه “تحديد الهدف“.
إنّ الرّبط بين الأعمال اليوميّة الّتي يقوم بها الطّفل بالأسباب والأهداف الحقيقيّة وراء القيام بها يُسهم بشكل كبير في تحفيز الطّفل بشكل ذاتي على المُثابرة وبذل الجهد من أجل القيام بها لتحقيق تلك الأهداف.
إليكم بعض النّصائح المُفيدة لمساعدة أطفالكم على تحديد أهدافهم :
- الذّهاب إلى المدرسة يجعلك شخصاً متعلّماً، مُثقّفاً وقادراً على العيش بحريّة واستقلاليّة.
- إنجاز الواجبات المنزليّة يكشف مكامن الضّعف ويُضيء النقاط الّتي عليك العمل على تقويتها.
- إنجازك للاختبارات يحفّزك للتعلّم من أخطائك والهدف منها النمو والتّطور.
- مساعدة شخص مُحتاج يجعلك شخصاً محبوباً وودوداً.
- ممارستك للرّياضة وتناولك للأغذية الصّحية يمنحُك جسماً قويّاً وصحيّاً.
2- ركّز على الجهد بدلاً من النّتائج – المُثابرة والاجتهاد عند الأطفال
حين يُدرك الطّفل جيّداً أنَّ لا نتائج تحدّدُه أو تقيس إمكانياته وأنّ النّتائج الكبيرة تأتي من الجهد الكبير، يندفع نحو المُثابرة والاجتهاد في التعلّم بروح مُفعمة بالاهتمام والرّضى وعقليّة مرنة تُدرك أنّ بذل الجهد الإضافي يعني الحصول على نتائج أفضل. احرصْ على التّركيز بشكل مستمر على أهميّة بذل الجهد في تحقيق الإنجازات وأنّ النّتائج هي عبارة عن منبّه يشير إلى أنّ هناك ما يجب تعلّمه أو تصويبه.

3- لا تهرعْ لتقديم العون لطفلك
في بعض الأحيان، قد يجد الطّفل صعوبة بالغة في المُثابرة وبذل الجهد الكافي حين يجد من يقدّم له العون المجاني والمُساعدة الدّائمة! وهذا يعزّز لدى الطّفل الشّخصيّة الاتّكاليّة ويُضعف مهاراته في اتّخاذ القرارات ويحدّ من قدرته على تنشيط الجانب الإبداعي والتّفكير الذّاتي وبناء التصوّر الشّخصي انطلاقاً من استعانته الدّائمة بالآخرين. وفي الحالات الأكثر تطوّراً قد يجد الطّفل نفسه عاجزاً عن اتّخاذ المبادرة الشّخصية لحلّ مسألة رياضيّة أو إنجاز واجب مدرسيّ بمفرده على الرّغم من امتلاكه القدرة على فعل ذلك !
إنّ مصادرة رأي الطّفل في الكثير من القرارات الشّخصيّة يدعم الشّخصية الاتّكاليّة لديه ويُضعف مهاراته في بناء وتعزيز الشّخصيّة القويّة، المُستقلّة والقادرة على اتّخاذ القرار وبذل الجهود الكافيّة لتحقيق النّجاح.

4- تقسيم الهدف وتجزئة المهام
قد يبذل الطّفل الكثير من الجّهد والتّعب لتحقيق النّجاح في إنجاز مهامّ معينة ولكن لا يحصل على النّتائج المرجوّة! والسبب يعود لصبّ كامل جهده وتركيزه على مجموعة من الأهداف والمهامّ في آنٍ معاً، إنّ مساعدة الطّفل على تقسيم الهدف وتجزيء المهامّ يساعده بشكل كبير على تثمين الجهد المبذول والمثابرة في الوصول إلى الهدف المطلوب وإنجاز المهامّ بنجاح.
إليك بعض المُقترحات والنّصائح الّتي يمكنُك تقديمها لطفلك لمساعدته على تجزيء مهامّه وتقسيم هدفه :
- لا تقمْ بدراسة أكثر من مادّة دراسيّة معاً.
- هدفك اليوم هو تعلّم الجمع والطّرح، ولاحقاً ستتعلّم الضّرب والقسمة.
- لا تنشغل في كل الاختبارات، ابذل الجهد لإنجاز الاختبار القادم.
5- لا تعوّد طفلكَ على المكافأة – المُثابرة والاجتهاد عند الأطفال
لاشكّ أنّ تقديم مُكافأة للطّفل إزّاء تحقيقه نجاحاً في الاختبار أو إنجازه مهمّة معيّنة هو أمر صحّي وضروري، بغضّ النظر عن نوع المُكافأة ماديّةً كانت أو معنويّة على شكل مديح أو ثناء على الجهد المبذول. ولكن الاستمرار في تقديم المكافأت قد يعود بالضّرر على الطّفل حيث يرى في عدم تقديم مكافأة إزاء تحقيقه لنجاح مُعيّن علامة صريحة على فشله ! إنّ تقدير الطّفل لجهده المبذول ومثابرته كسبيل لتحقيق النّجاح يجب أن يخلو من المكافأت، فمُكافأة الطّفل بشكل دائم يعزّز لديه العقليّة الثّابتة ويخلق أهدافاً غير حقيقيّة لمثابرته واجتهاده، كما يشعره بالخيبة المُفاجئة في حال كان قد تعوّد على تلك المُكافأت على شكل هديّة ماديّة أو إشادة به.

إقرأ أيضا: عقلية النمو والعقلية الثابتة: ثمان طرق لتغيير عقلية طفلك إلى عقلية نمو مرنة
إقرأ أيضا: التعامل مع التغيير 5 استراتيجيات لمساعدة الطّفل على التّأقلم مع التغيّير الجذريّ في حياته
إقرأ أيضا: ما هو التنمر؟ و4 نصائح هامّة لحماية الطّفل من التنمر
هل أعجبكَ المقال ؟
هل تجد أنّ تلك النصّائح مُفيدة لطفلك في تعزيز أهميّة بذل الجهد والمثابرة لديه ؟
وهل تجد أنّ هناك نصائح أخرى يمكن الأخذ بها لتثمين المثابرة كسبيل لتحقيق النّجاح لدى الطّفل؟
إذا أعجبكَ المقال وتراه مفيداً، شاركنا برأيك، ولا تنسَ مشاركته لتعمّ الفائدة على الجميع.
كما يمكنك تنزيل المقال بصيغية PDF وقرائته لاحقاً من خلال الضغط على زر تنزيل
0 تعليق