
يعتبر النسيان من المظاهر التي تعتبر شائعةً عند الأفراد في مختلف الفئات العمرية، إلا أن الاعتقاد السائد يتمثّل في أن النسيان هو أمر مقتصر على كبار السن بات مشكوكاً فيه. فقد أكّدت العديد من الدراسات بأن النسيان لا يرتبط بمرحلة عمرية مُحدّدة، بل يمكن أن ينسى الأفراد أشياءً وأحداثاً على المدى القصير والمدى الطويل خلال فترات حياتهم المختلفة. إلا أن الآباء يصابون بالإحباط عندما يلاحظون أن طفلهم ينسى المهمات التي تُطلب منه خوفاً منهم على تحصيله الدراسي ومدى قدرته على التذكر خلال فترة المذاكرة والامتحان. ومن الممكن أن يحدث النسيان عند الأطفال نتيجة لعدة أسباب في مقدمتها التغذية الغير مناسبة والتي لا تحتوي عناصر غذائية متنوعة لا سيما الأوميجا 3 وجملة من الفيتامينات مثل: فيتامين A وفيتامين B وعدد من الأملاح الأساسية والمعادن التي لا يمكن الاستغناء عنها والتي تُعدّ الداعم الرئيسي للذاكرة ألا وهي الحديد والبوتاسيوم. يضاف إلى ذلك التأثير السلبي للأرق أو النوم المتقطع الذي ينعكس بدوره على الدماغ وصحته، فضلاً عن الحالة النفسية الغير مستقرة للطفل الناجمة عن ظروف عائلية سلبية.
ويشكل النسيان عند الأطفال هاجساً عند الكثير من الآباء الذين تبدو عليهم علامات القلق والتوجس تجاه أطفالهم والخوف عليهم وعلى مستقبلهم الدراسي. ويسعى الآباء خلال فترة المذاكرة إلى تدعيم ذاكرة أبناءهم، إلا أن الدعم الرئيسي للذاكرة لا يجوز أن يقتصر على فترة الاختبارات بل إن تدعيم الذاكرة يجب أن يكون على مدار فترات مستمرة وبشكل دائم لتعزيز قدرات الطفل على التذكر وتجنب الضغط النفسي والجسدي الذي يطاله خلال فترة الاختبارات. كما أنه يجدر الإشارة إلا أنه ليس من الضرورة الانتظار حتى يبدأ الطفل بالنسيان للبدء بتقوية ذاكرته، بل إن العمل على تنشيط الذاكرة وتغذيتها هو عمل مستمر ومتواصل منذ بداية حياة الطفل. وفي هذا المقال سنقدم عرضاً لأهم النصائح الفعاّلة التي من شأنها أن تُحسّن ذاكرة الطفل وتزيد من قدرته على التركيز واسترجاع المعلومات المختلفة.
9 نصائح ذهبية لتقوية الذاكرة والحد من النسيان عند الأطفال

1- ممارسة الأنشطة الرياضية تحد من النسيان عند الأطفال
لعل المقولة السائدة والمتعارف عليها لدى الجميع “العقل السليم في الجسد السليم” هي مقولة لم تكن عبثية بل هي حقيقية ومهمة، إذ إنه من الضروري أن يتم تنشيط العقل من خلال ممارسة الرياضة بشكل مستمر وذلك من خلال وضع برنامج أسبوعي يتم الالتزام به من قبل الطفل والأهل على حدٍّ سواء، لتصبح ممارسة الرياضة مع الوقت عادة لا يمكن الاستغناء عنها.
2- الحصول على قسط كافٍ من النوم
إن الإرهاق والتعب اللذان لا يليهما قسط كافي من الراحة والنوم سيجعلان الطفل مرهقاً لا يمكنه ممارسة أي نشاط. كما أن قلة النوم ينجم عنها صعوبة في التركيز وبالمقابل النسيان، لذا يجب أن يتم تنظيم نوم الطفل وتجزئته إلى القيلولة بفترة قصيرة والنوم الطويل خلال ساعات الليل. إن استيقاظ الطفل نشيطاً يجعله قادراً على العمل وممارسة الرياضة والتركيز.
3- التغذية الجيدة الغنية بالعناصر المعدنية والأملاح والفيتامينات الضرورية
لابد أن تعتني الأم بتغذية طفلها منذ بداية حياته، وتدعيم طعامه بكافة العناصر الأساسية للتغذية السليمة، والابتعاد عن الأغذية الضارة كالمشروبات الغازية والوجبات الجاهزة والمعلبة والاستعاضة عنها بالأغذية الصحية والفواكه الطازجة وشرب المياه المعدنية بكميات جيدة. ويمكن للأم أن تُحبب طفلها بالأطعمة التي يرفض تناولها عن طريق تزيينها وتقديمها بأسلوب جميل أو إشراك الطفل في إعداد الوجبات.
4- التقليل من مشاهدة التلفاز واستبداله بأنشطة مفيدة
إن التأثير السلبي لمشاهدة التلفاز لا يقتصر على الوقت الذي يشاهده به الطفل، بل إنه يطال الفترات التالية إذ يبقى ذهن الطفل مشغولاً بالأحداث التي شاهدها في التلفاز ويصبّ جلّ تركيزه على الشخصيات وينشغل عن التركيز بالأحداث التي تدور حوله. وبالمقابل فإنه من غير الممكن حرمان الطفل من متابعة التلفاز بالمطلق بل إنه من الممكن تحديد وقت مُعيّن لمتابعة البرامج المتلفزة، مع الحرص على إشغال الطفل بأنشطة متنوعة مهما كانت بسيطة إلا أن الهدف منها هو إبعاده عن الشاشة. (ما رأيكِ يا عزيزتي راما أن تساعديني على ترتيب طاولة الطعام وتوزيع الأطباق بشكل جميل)، (دعينا يا عزيزتي راما نزين طبق الطعام معاً بالخضار الطازجة).
5- استخدام الأجهزة اللوحية لأوقات قصيرة ومحدودة جداً
إن الأجهزة اللوحية شأنها شأن التلفاز، إلا أن الفارق الأساسي هو قدرة الطفل على اصطحاب الجهاز اللوحي إلى أي مكان يذهب إليه، وبالتالي حتى لو رافق والدته في نزهة إلى الحديقة فإن بإمكانه أن يأخذ الجهاز معه، وينشغل به عن متابعة ما يدور حوله والاستمتاع بالمكان الذي يتواجد به، لذا يتعيّن على الأم إيجاد طريقة لإلهاء الطفل عن الأجهزة الإلكترونية. (سأجلس على الأرجوحة هل يمكنك يا عزيزتي راما أن تقومي بدفعي وتساعديني على أرجحة نفسي). إن مشاركة الآباء لأطفالهم اللعب سيجعلهم يشعرون بسعادة مفرطة تشغلهم عن ممارسة الألعاب الإلكترونية التي تسبب الأذى لعقولهم وذاكرتهم.
6- استعمال ألعاب الذكاء تحد من النسيان عند الأطفال
إن لعبة البزل مثلاً على بساطتها إلا أنها تمكن الطفل من تنشيط ذاكرته في كل مرة يكرر ترتيب القطع، فالقطع الكثيرة المتشابهة تثير عقل الطفل وتشحذ ذاكرته لاسيما إن كان هناك حافز مرافق لممارسة اللعبة. (عزيزتي راما عليكِ أن تنهي ترتيب قطع البزل خلال 30 دقيقة وستحصلين على هدية تختارينها بنفسك). وفي المرة التالية التي يرتب بها الطفل قطع البزل يمكن اختصار الفترة الزمنية ليصبح لديه تحدٍ ذهني وقدرة على التركيز بشكل أكبر.
7- تشجيع الطفل على قراءة القصص وسردها
إن القراءة من الكتب تُعدّ من أهم أغذية العقل، لذا يمكن اختيار قصص تتناسب مفرداتها وموضوعاتها مع سنّ الطفل وقدرته على الفهم والاستيعاب، وعند الانتهاء يمكن أن نطلب من الطفل سرد الأحداث في القصة الأمر الذي يجعله يشعر بالنضج والمسؤولية والرغبة في التركيز والفهم والتذكر بشكل أكبر. (راما طفلتي الصغيرة هل يمكن أن تقرأي قصة الأميرة النائمة وتطلعيني على الأحداث التي مرت في القصة).
8- الاعتماد على الفهم بدل من حفظ المعلومات
إن فهم المعلومات التي تُقدّم للطفل سيُسهّل عليه وبشكل أكبر تذكرها لاحقاً. لذا فمن الضروري أن تتأكد الأم من إدراك الطفل للمعلومات التي يطلب منه حفظها وتذكرها لاحقاً، وبالإمكان وحسب طبيعة المعلومات ربطها بقصص حياتية وأحداث قريبة من واقع الطفل ليسهل عليه تذكرها لاحقاً. ومن الممكن إجراء التجارب في المنزل ليسهل على الطفل فهمها وتذكرها، ومعظمنا يتذكر تجربة العلوم حيث طلبت المعلمة منا أن نضع القليل من حبات الحمص أو العدس في القطن ونضع عليها الماء ونلاحظ كيف يحدث الإنتاش، وتعد هذه التجربة العملية من التجارب الراسخة في الأذهان كونها تطلّبت العمل الشخصي ومتابعة التغيرات. ومن الممكن أن تطلب الأم من الطفل سرد الملاحظات أو تسجيلها حسب سنه. (ما رأيك يا طفلتي أن نذهب إلى الحديقة المجاورة ونجمع أوراق الأشجار ونصنفها حسب شكلها؟).
9- تكرار المعلومات المراد تذكرها
إن تكرار المعلومات مراراً يجعلها أكثر حضوراً في الذهن، ويمكن للأم أن تبتدع طرقاً في تكرار المعلومات والقوانين الرياضية لاسيما تلك التي ينساها الطفل وذلك من خلالها التعاون والعمل مع الطفل على إعداد ملصقات أو استخدام ورق الكرتون وتسجيل المعلومات المراد تذكرها بخط واضح وألوان مبهجة وتعليقها في أماكن مختلفة من المنزل بحيث يتمكن الطفل من رؤيتها ومراجعتها كلما دعت الحاجة.
أطفالنا أمانة أودعها الله عزَّ وجل بين أيدينا، لذا فإن أداء الأمانة والإخلاص للمؤتمن يتطلب العمل المستمر والمتواصل، وتعد القدرة على التذكر ومحاربة النسيان عند الأطفال من الأمور التي يجب ألا يغفل عنها الآباء حيث ينبغي عليهم تكريس جهودهم لدعم أطفالهم وتقوية ذاكرتهم لما له من عوائد جمة على الطفل وذويه ومجتمعه على حدٍّ سواء.
إقرأ أيضاً: العدوانية عند الطفل و4 طرق للتعامل مع الطفل العدواني
إقرأ أيضاً: 4 استراتيجيّات لتنمية مهارات الطّفل في الاعتماد على الذات
إقرأ أيضاً: كيف تُساعد طفلك على زيادة التحصيل الدراسي؟ و6 نصائح لمُساعدة الأطفال على الدِّراسة
0 تعليق