
يفتخر الكثير من الآباء بامتلاك طفلهم لمقدرات ذهنية وذكاء لامع ومهارات إدراكية عالية، ومع مرور الوقت قد يقع الطفل في حالات من الفشل عند مواجهة اختبار صعب بسبب اعتماده الكامل على مهاراته وذكائه بحيث لا يبذل الجهد الكافي في التحضير والدراسة من أجل الاختبار! ذلك المثال البسيط يفتح الباب واسعاً على قضية هامة تعد إحدى الركائز والبنى الأساسية لبناء وتعزيز عقلية نمو صحية ومرنة عند الطفل وهي دفع الطفل لبذل الجهد والتعب من أجل تحقيق النجاح بدلاً من ربط ذلك النجاح بمعدل ذكاء الأطفال!
إحدى أكثر النظريات الخاطئة التي نأخذ بها أحيانا هي “وجود طفل ذكي وآخر غبي” غير مُدركين لخطورة تلك النظرية على أطفالنا ومستقبلهم، في الحقيقة لا يوجد طفل أكثر ذكاءً من طفل آخر، بل يوجد طفل أكثر اجتهاداً ومثابرة من غيره.
لأن الآباء هم قدوة أطفالهم وتربية الطفل هي بمثابة ولادة ثانية له، فإن تنشئة الطفل من خلال غرس الأفكار الصحيحة والإيجابية لبناء شخصية ناضجة وعقلية مرنة في التفكير والوعي هي من الأهداف الأساسية التي علينا بذل قصارى جهدنا لتحقيقها ومن أهم تلك الأفكار هي إدراك الطفل أن بذل الجهد في سبيل الوصول إلى الهدف هو أساس النجاح وأن المهارات والإمكانيات هي مواهب ثابتة لا تتطور أو تتحسن إلا بالعمل والاجتهاد والمُثابرة.
خمس أسباب تثبت أن بذل الجهد أكثر أهميّة من مُعدّل ذكاء الأطفال:

1- العلماء واختراعاتهم
لعلك سمعت عن إحدى الاختراعات العظيمة التي قدمها العلماء للبشرية، كاختراع العالم توماس ألفا إديسون للمصباح الكهربائي، اختراع الهاتف من قبل العالم غراهام بِل والكاميرا من قبل العالم العربي الحسن بن الهيثم، واختراع الطائرة على يد الأخوين رايت وغيرها الكثير من الابتكارات والاختراعات التي أغنت البشرية على مر التاريخ، ولكن!، هل اعتمد أولئك العلماء في إيجاد اختراعاتهم العظيمة بشكل كامل على ذكائهم الفطري وموهبتهم ؟!، لاشك أن قدراتهم العقلية ومهاراتهم كان لها دور مهم في نجاحهم، و لكن لولا السعي الدائم و بذل الجهد والتعب والعمل الدؤوب لما أحرز أولئك العلماء النجاح في اختراعاتهم، فعلى سبيل المثال العالم توماس إديسون الذي عمل بجد وبذل قصارى جهده وفشل آلاف المرات في الوصول لاختراع المصباح الكهربائي في آخر محاولة له قد أنار البشرية.
نستنتج مما سبق أن العمل والاجتهاد هو أساس النجاح، ادفع طفلك للتفكير بشكل صحيح في كيفية الوصول إلى الهدف من خلال السعي والمحاولة وبذل الجهد في سبيل تحقيق النجاح.

2- تدريبات الرياضيين
يتابع الكثير منّا باهتمام وشغف مباريات كرة القدم أو سباقات الجري والسباحة وغيرها من المنافسات الرياضية التي تأخذ حيّزا من حياتنا، ونتأثر بأشهر الرياضيين ومواهبهم ونشعر بالحماس والسّعادة عند إحرازهم نتائج مُبهرة ولكن، هل يعتمد أولئك الرياضيين على مواهبهم وقدراتهم في إحراز تلك النتائج والأهداف أو الفوز بالمراتب الأولى؟ بالطبع لا، لابد أنك شاهدت التدريبات التي يمر بها الرياضيون أثناء تحضيرهم قبل خوض مبارياتهم، تتضمن تلك التدريبات الكثير من التعب والجهد والعمل الشاق من أجل القيام بأداء جيد وإحراز أفضل النتائج، شجّع طفلك دائما على التدرب والتحضير الجيد وبذل الجهد قبل خوض أي منافسة أو اختبار، وادفعه للتفكير بشكل صحيح و منطقي وتكوين عقلية صحية بحيث يدرك أن معدل ذكائه ومواهبه لا تكفي لتحقيق النجاح، بل تحتاج تلك المواهب دائما للتطوير والصقل، وذلك التطوير لا يتم إلا ببذل الجهد من أجل الوصول للهدف وإحراز أفضل النتائج.
3- ألعاب الذكاء
تحتاج الكثير من ألعاب الذكاء كالشطرنج مثلاً لامتلاك اللاعب لمهارات إدراكية وذهنية ومعدل ذكاء عالي ليُبلي بلاءً حسناً ويُحرز الفوز، ولكن هل أداء اللاعب المُبتدئ ومهاراته في اللّعب كأداء اللاعب المُحترف، بالطبع لا!
يحتاج اللاعب المبتدئ حتى يصل إلى مراحل متقدمة من المهارة والاحتراف في لعبة الشطرنج إلى خوض مئات المنافسات والألعاب بحيث يأخذ الخبرة الكافية لتحسين الأداء في وضع الخطط المُحكمة ومناورة الخصم واستبدال الخطة بحسب تموضع الأحجار على رُقعة الشطرنج … لذلك فإن أكثر الألعاب التي تحتاج إلى معدل ذكاء عالي لا يمكن إتقانها واحترافها بالاعتماد الكامل على معدل الذكاء فحسب، بل تحتاج للكثير من التدريبات لاكتساب المهارات و تطوير الأداء، لذلك فإن الكثير من المنافسات و الاختبارات التي يخوضها أطفالنا هي كألعاب الذكاء! تحتاج من الطفل أن يبذل قصارى جهده في التدرّب من أجل تطوير مهاراته وتحسين أدائه وعدم الاعتماد على معدل ذكائه في إحراز الفوز أو النجاح.
4- المواهب الفنية
لا شك أننا نستمتع عند سماعنا لعزف جميل على آلة موسيقية أو عند مشاهدة رقصة جميلة يؤديها فرد أو فرقة من الراقصين! تلك الأعمال الفنية و غيرها التي نستمتع بها لابد من امتلاك أصحابها للمقدرات والإمكانيات الفنية اللازمة لأدائها، و لكن من دون تدرب العازف على أداء المقطوعات الموسيقية بحيث يطور أداءه على التنسيق والتناغم بين حركة اليدين والمحفزات البصرية أو السمعية لما أمكنه عزفها باحتراف وإتقان، وينطبق ذلك الأمر بالنسبة للراقص، فالرقص كفن تعبيري يتطلب من الراقصين الكثير من التحضيرات والتدريبات على أداء الرقصات لتطوير قدراتهم على مرونة الحركة وخفة الجسم والتناغم بين الراقصين … وهذا ينسحب على الكثير من المواهب الفنية التي تحتاج لبذل الجهد والتعب من أجل الوصول إلى مرحلة الإتقان والاحتراف. حفّز طفلك دائماً لتطوير مواهبه ومقدراته بالعمل والتدرب وبذل الجهد في سبيل الوصول لنتائج مرضية.
5- الكفاءات العلمية
وجود الكفاءات العلمية ورعايتها هو أساس نهوض المجتمع وتطوّره، ولكي تصبح طبيباً أو مُهندساً لابد من امتلاكك الإمكانيات اللازمة لذلك، ولكن من دون بذل الجهد والتدرب لا يمكن أن تصبح طبيباُ أو مهندساً ناجحاً!
ادفع طفلك دائماً للعمل وبذل الجهد للوصول إلى أهدافه وطموحاته بنجاح، وشجّعه على بناء وتعزيز عقلية نمو مرنة وصحية بحيث يدرك أن امتلاكه للكفاءة العلمية لا تكفي للنجاح، فالوصول إلى الهدف يحتاج إلى الكثير من التعب وبذل الجهد.
إقرأ أيضا:
إقرأ أيضا:
إقرأ أيضا:
هل أعجبك المقال؟ هل توافق مع الأفكار الواردة أعلاه؟ يرجى ترك تعليق حول ما أعجبك أو لم يعجبك في المقال أو ترك تعليق بالمواضيع التي ترغب بمناقشتها مستقبلا.
تذّكر أن البيئة السليمة المحيطة بأبنائك لها دور حاسم في تربية أطفالك فلذلك إذا أعجبك المقال يرجى مشاركته مع أقاربك وأصدقائك لتعم الفائدة على الجميع.
كما يمكنك تنزيل المقال بصيغية PDF وقرائته لاحقاً من خلال الضغط على زر تنزيل
0 تعليق