
يسود اعتقاد خاطئ مفاده أن الأم المثالية هي من تقوم بكل المتطلبات التي يحتاجها أبناءها. إلا أن المفهوم الأكثر صحة هو التدريب والمثابرة لجعل الطفل مستقل. غير أن تعويد الطفل على الاستقلالية ليس أمراً سهلاً بل إنها عملية صعبة تحتاج إلى الكثير من العمل والصبر والمثابرة. فالطفل ومنذ أن يبصر النور يعتمد على والدته في طعامه وشرابه وتغيير ملابسه فتتولد لديه الاتكالية، وهنا يبرز الدور المستقبلي اللاحق للوالدين في جعل الطفل مستقل. والطفل الاتكالي يعتاد الاتكال على الآخرين مستقبلاً ولن يجيد بسهولة الاعتناء بنفسه، بل إنه سيبحث دائماً عن بدائل عنه للقيام بالمهمات المختلفة. كما أنه قد يستغني عن بعض احتياجاته التي تتطلب منه بذل المزيد من الجهد، وقد يجد صعوبةً في إيجاد حلول خلاقة للمشكلات التي تواجهه كونه لم يعتاد على حلّ مشكلاته بنفسه.
وتعويد الطفل على الاستقلالية لا يحدث دفعةً واحدةً بل إنه يبدأ بشكل متدرج منذ أن يبدأ الطفل في التمكّن من استخدام يديه وقدمه والتحرّك بشكل بسيط.
ست خطوات لجعل الطفل مستقل

1- تدريب الطفل على الإمساك بالرضّاعة
بعد أن يتمكن الطفل من استخدام يديه في إمساك الأشياء المختلفة، تبدأ الأم في محاولة جعله إمساك الرضّاعة بنفسه، وهذا الأمر يمكن البدء به بعد أن يُتمّ الطفل شهره السادس، وعلى الأم أن تسانده في الفترة الأولى للإمساك بالرضّاعة ثم يبدأ الطفل مع مرور الوقت إمساكها بنفسه.
2- تدريب الطفل على استخدام ملعقة الطعام
وهذا الأمر لا يتطلب أن يكون الطفل قادراً على الإمساك بالملعقة بشكل ممتاز، بل يكفي إدراكه لكيفية استعمال الملعقة، وتبدأ الأم في تدريب الطفل على استخدام الملعقة منذ أن يبدأ الطفل في تناول الأطعمة المتنوعة. سيتعلم الطفل بشكل تدريجي كيف يأكل بنفسه دون أن يلوث ثيابه ببقايا الطعام.
3- تدريب الطفل على تنظيف نفسه
ليس من الواجب أن تقوم الأم بشكل دائم بتنظيف طفلها بعد تناول الطعام مثلاً، بل يمكنها أن تُدرّبه بشكل متدرج على استعمال الماء والصابون لوحده، وتكرار التدريب عدة مرات في اليوم لاسيما قبل تناول الطعام وبعده، وبعد الانتهاء من اللعب بالألعاب. وعندما يبلغ الطفل سن الثالثة يمكن البدء بتدريبه على تنظيف أسنانه باستخدام كميات قليلة من معجون الأسنان. (عزيزي ليث ما رأيك أن نتخلص من الجراثيم التي تقف على أصابعك الجميلة)، (حبيبي ليث دعنا نعيد لأسنانك لونها الأبيض الجميل).
4- ترتيب الألعاب وجمعها في مكانها المخصص كطفل مستقل
إن تعويد أبناءنا على ترتيب الألعاب في فترة الطفولة ستجعلهم أكثر تنظيماً في المستقبل وأكثر اعتماداً على النفس وأكثر حفاظاً على الوقت. بدايةً يمكن تخصيص سلة والتعاون مع الطفل على جمع الألعاب فيها عند الانتهاء من اللعب، ثم يتمّ تدريب الطفل على ترتيب غرفته عندما يصبح أكبر سناً، وقد يستغرق هذا التدريب الكثير من الوقت والصبر واستخدام أسلوب المكافأة لحثّ الطفل على العمل. (عزيزي ليث سنقوم بترتيب غرفتك معاً ثم سنقوم بتجهيز قالب الحلوى سويةً).
5- إعطاء المجال للاختيار بنفسه كطفل مستقل
تسعى الكثير من الأمهات وبصورةٍ غير مقصودة إلى اختيار احتياجات الأبناء من الملابس والأغذية المختلفة واختيار الهوايات التي يجب أن يمارسوها سعياً منهن إلى جعل الطفل أفضل، إلا أن إمساك الأم بزمام الأمور يجعل الطفل مع الوقت غير قادر على تحديد رغباته واختيار الأنسب له، كما أن هذه السيطرة لا تُمكّن الطفل من اكتشاف ذاته بشكل صحيح، ويصبح غافلاً عن مكامن القوة لديه. (عزيزي ليث اذهب إلى الثلاجة واختر الفاكهة التي ترغب في تناولها)، (غداً هو يوم الإجازة، إلى أين ترغب أن نذهب يا صغيري؟)، (ما هي الآلة الموسيقية التي تحب أن تتعلم العزف عليها؟).
6- إفساح المجال للطفل كي يؤدي واجباته المدرسية بنفسه
نتيجة السعي الحثيث لدى الغالبية العظمى من الآباء لجعل أطفالهم أكثر تفوقاً وتميزاً، لاسيما في التحصيل الدراسي، فإنهم يعمدون إلى تأدية الواجبات المدرسية معهم. ومع مرور الوقت يصبح الطفل غير قادر على تأدية واجباته المدرسية دون مساعدة أحد الوالدين، كما أنه لن يتمكن من استعمال قدراته الذهنية بشكل جيد مستقبلاً. وهنا يجب على الآباء إتاحة المجال أمام الطفل للعمل بمفرده مع الحرص على تقديم النصائح له، ومساعدته بعد أن يجرب بنفسه. وفي حال أخطأ في أداء الواجبات يجب أن يتمّ الثناء على الجهود التي يبذلها الطفل ثم تقديم العون له. (أشكركَ حبيبي ليث على الجهود التي بذلتها في أداء الواجبات وسنعمل معاً على تصويب الأخطاء التي ارتكبتها).
خلال فترة من فترات حياة أبناءنا سيصبحون أشخاصاً بالغين راشدين مستقلين بأنفسهم، وواجب الآباء يتمثّل في تعزيز هذه الاستقلالية وجعل الطفل مستقل من خلال اتباع الخطوات السابقة. إن استقلالية الطفل ستجعله أكثر ثقةً بنفسه كما أنها ستجعل الآباء أكثر ثقةً بأبنائهم ويقلّ مقدار القلق والخوف عليهم مستقبلاً.
إقرأ أيضاً: حلّ المشكلات للأطفال: دليلك العملي لتعليم هذه المهارات
إقرأ أيضاً: تحفيز الطفل من خلال 10 استراتيجيات فعّالة
إقرأ أيضاً: تقدير الذات عند الأطفال: سبع استراتيجيات فعّالة لمساعدة الطفل
0 تعليق