
مقارنة الطفل نفسه بالآخرين هو سلوك فطري، حيث يبدأ الطفل من عمر مبكّر جداً بمقارنة نفسه بمن حوله، فيمكن ملاحظة طفل صغير يقارن نفسه بأبيه فيحاول تقليده في طريقة المشي والجلوس والتحدث.. ،ولكن مع تطوّر هذا السلوك يمكن أن يكون لمقارنة الطفل نفسه بالآخرين آثار سلبية على تطوير عقلية نمو صحية لدى الطفل لبناء شخصية تتسّم بالتميّز والاستقلالية والقدرة على اتخاذ قرارات تعكس ما بداخله من رغبات ونوايا، فتزداد مخاطر هذه المقارنات مع وصول الطفل إلى مرحلة المراهقة فتحد من مهاراته الفكرية والإبداعية وقدرته على التفكير المستقل وتبنّي آراء و مبادئ تعكس شخصيته، فيرى الطفل في نجاحه المتواضع فشلاً عند مقارنته بنجاح الآخرين أو قد يرى في درجة تقدير منخفضة على أنها نجاح كبير عند مقارنتها بدرجات أقل تقديراً!
سنقدّم في هذا المقال أهم النصائح والإرشادات الموجهة للآباء لمساعدة طفلهم على بناء شخصية مستقلّة وتعزيز عقليّة نمو صحيّة والابتعاد عن مقارنة الطفل نفسه بالآخرين.
أربع نصائح لمساعدة الطفل على بناء شخصية مستقلّة والابتعاد عن مقارنة نفسه بالآخرين:

1- لا تقارن طفلك بالآخرين
تتمثّل مهمّتنا الأساسية كآباء أن نرعَ أطفالنا ونوّفر لهم كافّة سبل الرّاحة والحماية منذ نشأتهم وصولاً إلى مرحلة الرُّشد والنضج مروراً بكافة المراحل العمرية للطفل، ومن المسائل بالغة الأهميّة التي يجب مراعاتها من قبل الأبوين في تربية طفلهم بشكل جيد هي تشجيع ودعم الخصائص والسّمات الفردية المميّزة للطفل.
إن كل طفل يتميّز بمجموعة من الطباع والسلوكيات والصفات والخصائص التي تعكس شخصيته، منها ما يكون صحّي وإيجابي ومنها ما يتمثّل بسلوكيات خاطئة وصفات سلبية تخلق لدى الطفل نقاط ضعف وعوائق تمنعه من التحسّن والتطوّر، حيث يتوجب على الأهل دعم الجانب الإيجابي لدى الطفل وتعزيز نقاط القوة لديه وتصويب السلوكيات الخاطئة وتقوية نقاط الضعف وتذليل كافة العقبات والعوائق أمام الطفل بدلاً من إقحامه في مقارنات غير صحيّة مع الآخرين.
إن مقارنة طفلك بالآخرين لا يؤثر بشكل سلبي على تطوّره الفكري والمعرفي فحسب، بل يتوجّب على الأبوين عدم إهمال الجانب النفسي للطفل حيث أن مقارنة الطفل مع زميلة في المدرسة أو مع أحد الأقارب تخلق لدى الطفل مشاعر القلق والخوف، وبدلاً من سعيه لتطوير مهاراته وتحسين قدراته، سيعمل الطفل جاهداً ليكون نسخة عن غيره!
احرص على دعم طفلك من أجل بناء شخصية مستقلّة وتعزيز مهاراته الفردية من أجل تنمية عقلية تفكير منطقية وصحيّة، بحيث تعزّز لدى طفلك مهاراته الفكرية وتدعم الجانب النفسي لتمنح طفلك الثّقة بالنفس وتقدير الذات والقدرة على مواجهة المصاعب وتخطّي العقبات.

2- عزّز لدى طفلك الثقة بالنفس وتقدير الذّات
من السّمات الأساسية التي على الطفل أن يتمتّع بها والتي تكون بمثابة درع حماية له بحيث تقيه من مخاطر مقارنة نفسه بالآخرين هي ثقته بنفسه وتقديره لذاته، فعندما يكون الطفل واثقاً بنفسه وبمقدراته ومُقدّراً لذاته ولمهاراته لن يعنيه ما يملكه الآخرون من مقدرات ومهارات. احرص دوماً على تعزيز ثقة طفلك بنفسه من خلال الإشادة بالجهد الفردي الذي يبذله في سبيل تحقيق نتائج جيدة بدلاً من مدحه إزّاء تفوّقه على زملائه!، شجّع طفلك على تقدير ما يملكه من مقدرات وسمات وادفعه لتطويرها وتحسينها والتغنّي بها بدلاً من دفعه للتشبّه بغيره من الأطفال التي تنال استحسانك وإعجابك!، شجّع طفلك على تطوير مواهبه الفنيّة أو العلميّة أو الرياضيّة لأن ذلك يدفعه لتقدير ذاته، حيث يرى في نفسّه شخصاً مميّزاً وكياناً مُستقلّاً، فينطلق نحو تحقيق طموحاته من خلال تطوير مهاراته الفكرية أو الرياضيّة بعيداً عن مقارنة نفسه بالآخرين.

3- شجّع طفلك على تحدي ذاته بدلاً من تحدي الآخرين
بدلاً من دفع الطفل وتشجيعه لتحدّي الآخرين والتغلّب عليهم، يتوجب على الأبوين دعم طفلهم من خلال تعزيز فكر صحّي بحيث يكون الطفل دائماً في حالة تحدٍّ مع نفسه من خلال العمل على تحسين قدراته وتصويب أخطائه وتقوية نقاط الضعف لديه والتغلّب على نفسه، فبدلاً من انشغال الطفل في مقارنات سلبية مع الآخرين، سيكون منهمكاً في العمل على تحدي ذاته وتطويرها وبذل الجهد لتذليل العقبات ومواجهة كافة الصعاب بعقلية صحيّة ومرنة.
إن تعزيز تحدّي الطفل لذاته لا يمنحه الثقة والدعم لتطوير مهاراته الفكريّة والمعرفيّة وتحسين قدراته فحسب، بل تساعد الطفل على تنمية شخصيّة قويّة ومستقلة بعيداً عن السّعي للتشبّه بالآخرين، بالإضافة إلى تعزيز الجانب النفسي من خلال زيادة ثقته بنفسه وتقديره لذاته، وتجعله يعي تماماً ما يريد وبما يرغب، وتدفعه للسّعي من اجل تحقيق أهدافه وطموحاته وتزيد من قدرته على اتخاذ القرارات والخيارات الصائبة التي تتناسب مع شخصيته ومهاراته وسماته الفردية.

4- امنح طفلك حريّة الاختيار
في الوقت الذي تمنح فيه طفلك مساحة كافية من أجل حريّة الاختيار ابتداءً من عمر صغير كاختيار ملابسه وألعابه وأغراضه الخاصّة، وصولاً إلى الخيارات المصيرية الأكثر أهميّة مع حرص الأبوين على الإشراف على قرارات الطفل مناقشته بطريقة آمنة وعقلانية حول صواب اختياراته ونجاحها دون إجباره أو إملاء أي قرارات عليه بناءً على مقارنات مع الآخرين، سيمنح ذلك طفلك فرصة هامّة لبناء شخصيّة مستقلّة وعقليّة تفكير صحيّة بحيث ينظر إلى نفسه ككيان مستقل ولا يربط رغباته وتطلعاته برغبة الآخرين، وبالتالي سيبتعد طفلك عن محاولة مقارنة نفسه بالآخرين لأنه سيعي تماماً أن قرارته واختياراته تتناسب مع مهاراته وسماته الفردية، وهذا ما يشعره بالتحرّر من قيود المقارنات السلبية ويمنحه الحريّة المطلقة للانطلاق نحو تطوير المهارات المعرفية وتعزيز عقلية مرنة من خلال إدراك جدوى اختياراته أو فشلها وفق معايير ترتبط بشخصية الطفل وأفكاره ورغباته.

إقرأ أيضا:
إقرأ أيضا:
إقرأ أيضا:
هل أعجبك المقال؟ هل توافق مع الأفكار الواردة أعلاه؟ يرجى ترك تعليق حول ما أعجبك أو لم يعجبك في المقال أو ترك تعليق بالمواضيع التي ترغب بمناقشتها مستقبلا.
تذّكر أن البيئة السليمة المحيطة بأبنائك لها دور حاسم في تربية أطفالك فلذلك إذا أعجبك المقال يرجى مشاركته مع أقاربك وأصدقائك لتعم الفائدة على الجميع.
كما يمكنك تنزيل المقال بصيغية PDF وقرائته لاحقاً من خلال الضغط على زر تنزيل
0 تعليق