
يعتبر العناد عند الأطفال من أكثر المسائل التي تواجه الأهالي في رحلة تربية أبنائهم، وهي لا تعتبر مشكلة في حد ذاتها إلا إذا أسأنا التعامل معها، حينها نتّجه إلى مشكلة المراهق العنيد والبالغ العنيد ويكون عندها العلاج صعباً وطويلاً. ويخبرنا الأخصائيون أنها مرحلة طبيعية من مراحل النمو النفسي للطفل وهي ضرورية ويمكن استثمارها بأفضل طرق في سبيل مساعدة الطفل على تكوين شخصية مستقلة وقوية.
كما أن العناد عند الأطفال يعتبر أمراً ضرورياً لنمو الطفل وتبلور شخصيته في مرحلة مبكرة من الطفولة ما بين عامين و4 أعوام. ولأن التربية هي مجموع ردود أفعال الأهل واستجابتهم لكل ما يخرج عن الطفل من سلوكيات وأفعال، فإنهم قادرون على مساعدة طفلهم في تشكيل شخصيته بشكل إيجابي أو سلبي بحسب استجابتهم الواعية واللا واعية. ويذهب البعض في أن للعناد أوجه بالغة الأهمية يمكن استثمارها في التربية. وفي مقالنا هذا سنعرض أهم طرق التعامل مع العناد وكيفية استثماره.
4 نقاط لاستثمار العناد عند الأطفال:




العناد عند الأطفال يساعد على الاستقلالية:
يميل الطفل إلى إثبات وجوده واستقلاله عن أمه في السنوات الأولى من عمره، فيبدو عنيداً في تمسكه بألعابه وأغراضه وإصراره على طعامٍ معين أو لباسٍ محدود الخيارات، وفي هذه النقطة يمكننا مساعدته في تحقيق استقلاله الضروري جداً لما يسمى الفطام النفسي عن الأم، والذي يعتبر بدوره مسؤولاً عن صحته النفسية في مراحل عمره اللاحقة.
العناد عند الأطفال يساعد على الاعتماد على الذات:
حيث يفضل الطفل أن يعتمد على نفسه في ارتداء وخلع ملابسه وتناول الطعام، ليشعر أنه أصبح يقترب من عالم البالغين الذين لطالما تمنى أن يمتلك مهاراتهم منذ لحظات وعيه الأولى حين رآهم يتحدثون ويغنون ويمشون وهو لا يفعل، فينتهز فرصة أن يرتدي ملابسه ويخلعها كما يفعل الكبار وربما يقوم بإعداد سندويشته بنفسه تحت إشرافك، وهي مهارة يمكن البناء عليها لاحقاً الكثير من النجاحات في حياته الاجتماعية والدراسية والمهنية على حدٍ سواء، لأنها تبني الثقة بالذات والإيمان بالقدرة على الإنجاز واتخاذ القرارات.
العناد يدفع الطفل لاختبار قدراته:
حيث يبدأ الطفل في السؤال عما يستطيع فعله وما لا يستطيع! وكيف يبدأ باختبار طرق مختلفة لإنجاز مهمةٍ معينة، وما إذا كان قادراً على البدء في التغيير باتجاه حياة البالغين، وهي تؤسس لمهارة حلّ المشكلات وتنظيم المشاريع وترتيب الأولويات وغيرها من المهارات التي تُعزّز قدرة الإنسان على تحقيق أهدافه.
العناد عند الأطفال يساعد على بناء الذات:
حين يبدأ بالانفصال عن أمه وإدراك ذاته المستقلة عنها وعن إرادتها وإدراك إمكانياته وبناء شخصيته.
8 طرق للتعامل مع العناد عند الأطفال

1- حاور طفلك
تحتاج العلاقة بين الطفل وأهله إلى الإصغاء وعدم معاندة الطفل والدخول معه في معارك وتحديات، لأن ذلك سيقود الموقف إما إلى فرض إرادة الأهل على الطفل مما يُضعف شخصيته، أو إلى الامتثال لرغباته مما يرسم مساراً عصبياً لسلوك ينتهجه الطفل لتحقيق طلباته لاحقاً.
2- اجعل المنزل مكاناً آمناً ومريحاً لطفلك
من خلال بناء مساحة لعب آمنة للطفل يلعب فيها كما يشاء ويحب دون أن يؤذي نفسه، ليشعر بأن لديه مملكة خاصة يضع فيها شروطه ويكون عليها ملكاً لا منافس له فيها، مما يمنحك طفلاً مستكشف لنفسه وهواياته وللعالم المحيط به بحرية.
3- قدم لطفلك خيارات متعددة
اعرض عليه خيارين في طعامه وملبسه ونزهاته، وهنا يمكن عرض نوعين من الطعام يتوافقان مع حميته الغذائية المتبعة في المنزل ليختار بينهما، وبين ردائين ليختار ما يلائمه ويحبه، وربما بين قصتين قبل النوم، ويمكن طرح البدائل ليكون الخيار بين النوم الآن أو بعد ربع ساعة، أو التوقف عن اللعب حالاً أو بعد 15 دقيقة، وهذا كفيلٌ بأن يشعره بحرية اتخاذ القرار مع أنه نفذ أصلاً واحداً من خيارين تريده أنت ويصب في مصلحته.
4- مهّد لطفلك دائماً
من المزعج للطفل كما لأي شخص بالغ، أن نقوم بمفاجأته بحلول موعد النوم أو مغادرة منزل الأصدقاء أو إطفاء التلفزيون وهو مستغرق في نشاطٍ ما، لذلك من الأفضل أن نقوم بالتمهيد قبل مدة قصيرة بأننا سننهي ما يفعل وننتقل لأمر آخر، بهذا نمنح الطفل مدة ليستعد خلالها للتغيير.
5- اتفق مع طفلك مسبقاً
عندما يبدأ أي نشاط باتفاق فإنه ينتهي باحترام وهدوء، لذلك قبل اللعب اتفق معه على مدة زمنية حتى لو لم يدرك بعد ماهية الوقت، لأنك في بداية الاتفاق وتذكيره كل فترة بما تبقى له، تكون قد بدأت بزرع مفهوم الوقت لديه، وتكون أيضاً مهّدت له لنهاية النشاط وحققت هدفين في آنٍ معاً. وحين ينتهي النشاط كن حنوناً وحازماً ولا تتراجع عن الاتفاق حتى لو لاحت لك بوادر عاصفةٍ قادمة، مع الوقت والتكرار سيسير كل شيء على أفضل ما يرام.
6- عزّز السلوك الإيجابي لدى طفلك
والذي يمكن تحقيقه من خلال طرح اقتراحات إيجابية يرغب بها الطفل، كأن نطرح عليه فكرة يحبها فتكون إجابته “نعم” مثال: ما رأيك أن نقرأ قصة من اختيارك؟ وهو سؤال مضمون الإجابة مما يعطي الطفل المجال للإجابة بكلمة نعم والتعود عليها، لأن أحد أسباب تكرار كلمة لا من الطفل، غالباً ما تكون بسبب تكرار الأهل لها أمام الطفل، وكما نرفض للطفل سيقوم بالتالي برفض طلباتنا، والعكس بالعكس فإن إفساح المجال أمامه وتلبية رغباته التي لا تتعارض مع سلامته وأمانه سيمنحه شعوراً بالاحترام وأنه فرد في العائلة لديه من يحبه ويسمعه.
للإطلاع على المزيد يمكن قراءة مقال: التربية الإيجابية و أربع أساليب تربويّة عليك اتّباعها مع أطفالك
7- لا تهدد طفلك بل استخدم طريقة إيجابية في عرض مطالبك
على سبيل المثال: لا تقل له إن لم ترتب أغراضك فأنت محرومٌ من النزهة اليوم، بل قل له: عندما ترتب أغراضك سنخرج في نزهة جميلة! ذات المطلب ولكن الفرق كبير بين طلب محب وعطوف وآخر تعسفي واستبدادي.
8- احترم طفلك ولا تستخدم العنف
لأن طفلك هو الأغلى والأحب، عبّر عن هذا الحب بحنان ورفق وابتسامة، وذكّر نفسك بأنه طفل يحتاج أن تُعلمه وتستوعبه ولا يملك مقومات البالغين في الفهم والتواصل. لا تستخدم العنف سواء الجسدي أو اللفظي أو النفسي ولا التهديد ضمناً، لأن ذلك من شأنه أن يقوض شخصيته ويكسر نفسيته ليكبر تابعاً للآخرين مهمشاً تائهاً، أو مستبداً متسلطاً وظالماً لغيره.
أخيراً فإن الأهل والروضة والمدرسة لهم الدور الأول والأكبر في تشكيل شخصية الطفل وتزويده بالمهارات الاجتماعية والعاطفية، وبناء رؤيته للحياة وكيفية التعاطي مع ظروفها وحلّ مشكلاتها، ليستطيع السير في أي دربٍ يشاء واثق الخطى بسعادةٍ ورضى. وكل ما نبنيه اليوم نجنيه مع طفلنا في الغد، والتربية درب طويل مليء بالتحديات التي تُعلمنا نحن الأهل قبل أطفالنا، وكلما نجحنا في تخطي هذه التحديات نرتقي مع أطفالنا ومجتمعاتنا.
إقرأ أيضا: السّعي نحوَ المثالية: و 4 طُرق للتّعامل مع الطّفل الّذي يسعى نحوَ الكمال
إقرأ أيضا: التعامل مع أخطاء الطفل؟ 10 خطوات لمساعدة طفلك على التعلّم من أخطائه
إقرأ أيضا: 4 عادات يتّبعها التّلاميذ المُتفوقين دراسيّاً! كيفَ تُساعد طفلك على التّميُّز في المدرسة؟
هل أعجبك المقال ؟
هل ترى أنّه من الممكن استثمار العناد عند الأطفال؟
وما النّصائح التي رأيتها مفيدة وفعّالة في التعامل مع العناد عند الأطفال ؟
إذا رأيت أنّ المقال مفيد، لا تنسَ مشاركته مع الأصدقاء.
كما يمكنك تنزيل المقال بصيغية PDF وقرائته لاحقاً من خلال الضغط على زر تنزيل
0 تعليق